تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وكل من قفز إليهم من أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمه حكمهم، وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام، وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون، ولم يكونوا يُقاتلون جماعة المسلمين، فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلاً للمسلمين" [الفتاوى 28/ 530 - 531].

وقال أيضا: "فهذا وغيره مما يبين أن هذه العصابة التي بالشام ومصر في هذا الوقت هم كتيبة الإسلام، وعزهم عز الإسلام، وذلهم ذل الإسلام. فلو استولى عليهم التتار لم يبق للإسلام عز، ولا كلمة عالية، ولا طائفة ظاهرة عالية يخافها أهل الأرض تقاتل عنه. فمن قفز عنهم إلى التتار كان أحق بالقتال من كثير من التتار، فإن التتار فيهم المكره وغير المكره، وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعدة. منها أن المرتد يقتل بكل حال، ولا يضرب عليه جزية، ولا تعقد له ذمة، بخلاف الكافر الأصلي. ومنها أن المرتد يقتل وإن كان عاجزا عن القتال، بخلاف الكافر الأصلي الذي ليس هو من أهل القتال، فإنه لا يقتل عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد، ولهذا كان مذهب الجمهور أن المرتد يقتل كما هو مذهب مالك والشافعي وأحمد. ومنها أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تؤكل ذبيحته، بخلاف الكافر الأصلي. إلى غير ذلك من الأحكام. وإذا كانت الردة عن أصل الدين أعظم من الكفر بأصل الدين، فالردة عن شرائعه أعظم من خروج الخارج الأصلي عن شرائعه، ولهذا كان كل مؤمن يعرف أحوال التتار، ويعلم أن المرتدين الذين فيهم من الفرس والعرب وغيرهم شر من الكفار الأصليين من الترك ونحوهم وهم بعد أن تكلموا بالشهادتين مع تركهم لكثير من شرائع الدين خير من المرتدين من الفرس والعرب وغيرهم، وبهذا يتبين أن من كان معهم ممن كان مسلم الأصل هو شر من الترك الذين كانوا كفارا، فإن المسلم الأصلي إذا ارتد عن بعض شرائعه، كان أسوأ حالا ممن لم يدخل بعد في تلك الشرائع، مثل مانعي الزكاة وأمثالهم ممن قاتلهم الصديق. وإن كان المرتد عن بعض الشرائع متفقها أومتصوفا أو تاجرا أو كاتبا أو غير ذلك، فهؤلاء شر من الترك الذين لم يدخلوا في تلك الشرائع وأصروا على الإسلام. ولهذا يجد المسلمون من ضرر هؤلاء على الدين ما لا يجدونه من ضرر أولئك، وينقادون للإسلام وشرائعه وطاعة الله ورسوله أعظم من انقياد هؤلاء الذين ارتدوا عن بعض الدين، ونافقوا في بعضه، وأن تظاهروا بالانتساب إلى العلم والدين. وغاية ما يوجد من هؤلاء يكون ملحدا: نصيريا أو إسماعيليا أو رافضيا. وخيارهم يكون جهميا اتحاديا أو نحوه، فإنه لا ينضم إليهم طوعا من المظهرين للإسلام إلا منافق أو زنديق أو فاسق فاجر. ومن أخرجوه معهم مكرها فإنه يبعث على نيته. ونحن علينا أن نقاتل العسكر جميعه إذ لا يتميز المكره من غيره. وقد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: "يغزو هذا البيت جيش من الناس، فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم، فقيل: يا رسول الله إن فيهم المكره. فقال: يبعثون على نياتهم"، والحديث مستفيض عن النبى صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة، أخرجه أرباب الصحيح عن عائشة وحفصة وأم سلمة …" [الفتاوى 28/ 534 - 536].

وقال أيضا عن التتار: "وأيضا لا يقاتل معهم غير مكره إلا فاسق أو مبتدع أو زنديق كالملاحدة القرامطة الباطنية، وكالرافضة السبابة، وكالجهمية المعطلة من النفاة الحلولية" [الفتاوى 28/ 552].

وقال أيضا عنهم: "ولم يكن معهم في دولتهم إلا من كان من شر الخلق، إما زنديق منافق لا يعتقد دين الإسلام في الباطن، وإما من هو شر أهل البدع كالرافضة والجهمية والاتحادية ونحوهم، وإما من هو أفجر الناس وأفسقهم. وهم في بلادهم مع تمكنهم لا يحجون البيت العتيق، وإن كان فيهم من يصلي ويصوم فليس الغالب عليهم إقام الصلاة ولا إيتاء الزكاة" [الفتاوى 28/ 520].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير