تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال موسى: يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به.قال: قل يا موسى لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقول هذا.قال: قل لا إله إلا الله.قال:إنما أريد شيئا تخصني به.قال: يا موسى لو أنَّ أهل السماوات السبع والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله" [2].

إن المداومة على هذه الكلمة مع يقين القلب لمعانيها، وتحقق الجوارح بالعمل لما تدل عليه ألفاظها ومبانيها، يجدد ما اندرس من معالم الإيمان في القلب، ويكسوه نوراً، ويملؤه يقيناً، ويفتح له من الأسرار مايعرفها كل مؤمن موحد، ولاينكرها إلا كل جائر ملحد.كيف لا، وهذه الكلمة هي القطب التي تدور عليه رحى الإسلام، والأساس الذي تبنى عليه بقية الأعمال، والمفتاح التي يجوز به كل مؤمن موحد إلى الجنة دار السلام. آثار الإيمان بهذا الاسم. 1 - أنَّ الإيمان بالله سبب السعادة والنعيم، قال الله جل وعلا: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [النحل:97]. فالروح لا تأنس ولا تفرح، ولا يذهب بهمها وقلقها إلاَّ الإيمان بالله، وبقدرتحصيله تكون السعادة. فالسعادة سببها الإيمان بالله، والرضا عنه في مواطن الجزع والكرب، سعادة أظلت أصحابها بأجنحتها أشبه بسعادة المتقين عند ربهم في جنات النعيم.

إنَّ الإيمان بالله هو دوحة السلام الخضراء، التي يفيء إليها الضاحون من نفحات الحياة وزفراتها؛ ولذا كانت الحياة بدون إيمان هجير محرقة، أو ظلمة موحشة.

(إنَّ السعادة هي جنة الأحلام التي ينشدها كل أحد، وقد طلبها كثيرون، لكنَّ أكثرهم يطلبونها في غير موضعها، فيعودون كما يعود طالب اللؤلؤ في الصحراء، صفر اليدين، مجهود البدن، كسير النفس، خائب الرجاء. فقد جرب الناس في شتى العصور، ألوان المتع المادية، وصنوف الشهوات الحسية، فما وجدوها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً. وفي إحدى المجلات نشر تحقيق صحفي منذ سنوات بعنوان: أهل الجنة - سكان السويد- ليسوا سعداء!.فلماذا لم يكن هؤلاء سعداء مع ما هم فيه من رغد العيش، وكمال المتع وانتشارها، وتعددها من كل صنف، ومن كل لون؟ لأنهم يعيشون حياةً قلقة، كلها ضيق وتوتر، وشكوى وسخط؛ ولذا يهرب هؤلاء من حياتهم إلى الانتحار. وأمريكا التي هي أغنى بلاد العالم على الرغم مما فيها من ناطحات السحاب، ومراكب الفضاء، و ألوان المتع، لم تستطع أن تحقق لأبنائها السعادة، حتى قال بعض مفكريها: إنَّ الحياة في نيويورك غطاء جميل لحالة من النعاسة والشقاء!! إنَّ كثرة المال، وكثرة الأولاد، وكثرة المتع ليست سبباً للسعادة، وليست العنصر الأول فيها، بل ربما كانت كثرة المال وبالاً على أصحابه في الدنيا قبل الآخرة، وهكذا هو حال من جعل الدنيا أكبر همه، ومبلغ علمه، ومنتهى أمله دائماً معذب النفس، متعب القلب، مثقل الروح، لا يغنيه قليل، ولا يشبعه كثير. إنَّ السعادة شيء داخل الإنسان، لا يرى بالعين، ولا يقاس بالكم، ولا تحويه الخزائن، ولا يشترى بالدينار ولا بالدرهم، السعادة شيء يشعر به الإنسان بين جوانحه، صفاء في النفس، واطمئنان في القلب، وانشراح في الصدر. وقد ذكروا أن زوجاً غاضباً على زوجته، قال لها متوعداً: والله لأشُقِينَّك.فقالت الزوجة: إنك لا تستطيع أن تشقيني كما أنك لا تملك أن تسعدني. فقال لها: وكيف لا أستطيع؟ فقالت: لو كانت السعاة في مال ٍ لقطعته عني، أو في زينة أو حلي لأخذته مني، ولكنها في شيءٍ لا تملكه أنت، ولا الناس أجمعون. فقال لها في دهشة: وما هو؟ فقالت: إني أجد سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان له عليه غير ربي! هذه الحياة الحقيقية التي لا يملك بشر أن يعطيها، ولا يملك أحد أن ينتزعها ممن أوتيها. إنها سعادة الإيمان بالله التي وجدها أحد المؤمنين وصرَّح بها قائلاً: إننا نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف. وقال آخر وهو في قمة السعادة الإيمانية التي ملأت عليه أقطار نفسه: إنه لتمر علي ساعات أقول فيها: لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه لكانوا في عيش طيب! وإذاكانت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير