السعادة شجرة منبتها النفس الإنسانية؛ فإن الإيمان بالله، والدار الآخرة هو: ماؤها وغذاؤها، وهواؤها وضياؤها [3]. فالإيمان بالله عز وجل هو باب السعادة الأعظم. ومفتاح هذا الباب أن تتعرف على الله جل جلاله وتقدست أسماؤه.
اللهم يامولانا أسعدنا بمعرفتك، وشرفنا بطاعتك، ولاتشقينا بمعصيتك. اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. ... يتبع في الحلقة القادمة بإذن الله. [1] رواه الترمذي في جامعه 5/ 24، رقم (2639) وقال: هذا حديث حسن غريب. ورواه ابن ماجه في سننه 2/ 1437، رقم (4300)، وابن حبان 1/ 46، رقم (225)، والحاكم 1/ 41، رقم (9). والحديث صححه ابن حبان و الحاكم، وقال الذهبي: هذا على شرط مسلم.
[2] رواه الترمذي 5/ 572، رقم (3585)، ورواه ابن حبان في صحيحه 14/ 102، رقم (18 62) والحديث صحيح. ينظر: السلسلة الصحيحة: 4/ 6، رقم (1503).
[3] ينظر: كتاب الإيمان والحياة ص:83 - 92 بتصرف واختصار
الحلقة الثانية
(الله)
بقلم / ماجد بن أحمد الصغير
كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم - الدراسات العليا
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه الحلقة تتمة للحلقة السابقة عن اسم ((الله)) جل جلاله وتقدست أسماؤه، أتحدث فيها على بيان آثار معاني اسم ((الله))، فمن آثار معرفة اسم ((الله)):
2 - أن ذكر الله سبحانه وتعالى سبب لطمأنينة القلب، وانشراح الصدر، قال الحق سبحانه:
(أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]
وهذا مشاهد مجرب عند المؤمنين، ولا يوجد عمل أشرح للصدر كدوام ذكر الله تعالى، فبذكر الله سبحانه تنقشع سحب الخوف والحزن والهم، و تزول جبال الكرب والغم.وقد قيل لرجل كان يكثر من ذكر الله عزوجل: أمجنون أنت؟ فقال: هذا دواء الجنون!. فما على من أُثقل كاهلُه بالهموم، وناء ليله من مقاساة الأحزان والشدائد، إلا أن يسرع إلى مولاه ويلوذ بحماه.عن سعدرضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له» [1]. وعن بن عباس رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلمكان يدعو بهن عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب العرش الكريم» [2] وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال: «ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث» [3] وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلاتكلني إلى نفسي طرفة عين. وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت» [4]
3 - أن البعد عن الله سبب الشقاء والحيرة.
كثيرٌ هم الذين هربوا من الرق لربهم الذي خلقهم ورزقهم، فكان الشقاء والحيرة قريناً لهم، وقد اختلفت في التعبير عن ذلك أساليبهم، حتى قال قائلهم: جئت لا أعلم من أين، ولكني أتيت. ولقد أبصرت أمامي طريقاً فمشيت. وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت. من أين جئت، من أين أبصرت طريقي لست أدري؟
يالله لِحالِهم!! إنها حال الأشقياء البعداء المعرضين، حالٌ تُصم السميعَ، وتُعمي البصيَر، ويُسأل من مثلِها العافية. وصدق الله - جل وعلا - إذ يقول: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى). [طه: 124 – 127]
¥