تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - أن الإيمان بالله يجعل عند المؤمن ثقة بالله، أنه يعينه، ويكلأه، ويحفظه، وينصره، وأنه سبحانه لا يخذله، ولا يضيعه، ولا يتركه، ولايسلمه لعوادي الأيام، ولا لصروف الدهر. والله عند ظن عبده به، فالمؤمن لايخاف على رزق أن ينقطع، ولا على أجلٍ أن ينقضي، فالإنسان ليس هو الذي كفل نفسه إذ كان جنيناً يوصلُ اللهُ إليه ألطافه وأرزاقه وطعامه وشرابه.

سهرت عيون ونامت عيون في شؤون تكون أو لا تكون.

إن رباً كفاك بالأمس ما كان سيكفيك في غدٍ ما يكون.

فالمؤمن دائماً واثق بالله، محسن الظن به. والله عز وجل عند ظن عبده به فليظن العبد بربه ماشاء.

5 - مع الله سبحانه وتعالى تهون المصاعب والمصائب.

مع الله سبحانه وتعالى يهون على المؤمن المصاب، وتسهل عليه الصعاب، فيقدم عليها، طيب القلب، رابط الجأش؛ لأنه مع الله. إن سحرة فرعون رأوا من فرعون هولاً عظيماً، و سمعوا منه توعداً كبيراً، أرادهم على أن يتركوا دينهم الذي اقتنعوا به، وأن يكفروا بربهم الذي آمنوا به، ربهم الذي فطرهم فوجدوا الأمن في قربه وذاقوا من حلاوة الإيمان ما طغى على مرارة العذاب فقالوا:

(لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى) [طه: 72 – 75] فلما سمت أرواحهم، وعلت همتهم، وشعروا بشرف معية الله لهم، هانت عليهم أنفسهم في ذات الله. فمع الله تهون المصاعب والمصائب.

فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامر ... وبيني وبين العالمين خراب.

إذا صح منك الود فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب.

وفي صفحات التاريخ صحابي بطل لسان حاله: لانبالي مادمنا مع الله، ولو آلمونا ولو أحرقونا و لوقطعونا. وما دمنا مع الله وهو راض عنا فالكل هين. ولسان مقاله:

ولست أبالي حين أُقتَل مسلماً ... على أي جنبٍ كان في الله مضجعي

وذاك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلوٍ ممزع

وأما بلال رضي الله عنه فغلبت حلاوة إيمانه آلالامَه وجراحَه فما يبالي حر الظهيرة المحرقة في صحراء مكة الملتهبة فكان يعبر عن محبوبه بكلمات لايحسنها إلا من عاش مع الله. أحدٌ أحدٌ أحدٌ أحدٌ.

وامتحن ابن البابلسي فسجنه الفاطميون وصلبوه لتمسكه بالسنة.قال أبو ذر الحافظ:سمعت الدارقطني يذكره ويبكي ويقول: كان يقول وهو يسلخ ? كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً ? (الاسراء:58) أمروا يهودياً، فسلخه من مفرق رأسه حتى بلغ الوجه وكان يذكر الله ويصبر حتى بلغ الصدر، فرحمه اليهودي، فوكزه بالسكين موضع قلبه، فقضى عليه، ولما سلخ كان يسمع من جسده قراءة القرآن!! [5]

فليهنأ أيها المؤمن عيشُك، وليعذب موردُك؛ فإنك مع الله، ومن كان مع الله فلا يضيره مافقد.

6 - أن اسم الله سبحانه وتعالى اسم عظيم مبارك، لا يذكر على قليل إلاَّ كثره، ولا على يسير إلا كثره ولا على مريض إلاَّ شفاه ... ولا مصاب إلا نفعه وعافاه بإذن الله سبحانه وتعالى. جاء عثمان بن أبي العاصرضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: وجع أجده في جسدي منذ أسلمت فقالصلى الله عليه وسلم: «ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: بسم الله. ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. قال: ففعلته، فأذهب الله عني ما أجد» [6]. وعن أبي هريرةصلى الله عليه وسلم أن رجلاً قال يارسول الله: مالقيت من عقرب لدغنتي البارحة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «أما لوقلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شرما خلق لم يضرك شيء» [7].

7 - إن على المؤمن إذا عرف ربه بهذا الاسم واستشعر هذه المعاني ألاَّ يلتفت إلى غيره، وأن لا يرجو سواه سبحانه وتعالى، وأن لا يخاف إلاَّ منه سبحانه وتعالى وذلك أن الإيمان بالله تعالى يعمر القلب بالثقة به سبحانه وتعالى، ويملئه رغبة فيما عنده، ويجعل الإنسان يهتف باسمه في صباحه ومسائه، وبكوره وأصائله: أن يتولى أمره، وأن يسدد خطاه، وأن ييسر له سبيل الخلاص من عدوه الذي نزل دار أمنه وسكونه.

اللهم لا تجعل أملنا إلا فيك، ولا توكلنا إلا عليك، ولا ثقتنا إلا بك، ولارجاء نا إلا بما في يديك، ولا حبنا إلا لك، ولا خوفنا إلا منك.

اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك، وأفقر خلقك إليك. يا من لايزداد على كثرة السؤال إلا جوداً وكرماً. ولايزداد على كثرة الحوائج إلا تفضلاً وإحساناً، تقبل منا، وارض عنا. ياكريم.

اللهم صل على نبينا محمد.والحمد لله رب العالمين.

المصدر:

http://www.al-aqidah.com/?aid=show&uid=pzo61i04

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير