[جهود علماء الجزائر في نشر التوحيد والنهي عن الشرك والتنديد]
ـ[ابو البراء]ــــــــ[31 - 10 - 07, 06:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مسجد خالد بن الوليد
اللجنة العلمية
دورة الإمام العلامة المبارك الميلي العلمية الثانية
من 3 إلى 26 ربيع الثاني 1427
طليعة الدورة العلمية
محاضرة بعنوان
" جهود علماء الجزائر في نشر التوحيد والنهي عن الشرك والتنديد"
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين [1].
أيها الإخوة الكرام:
لقد مرّ القطر الجزائري في القرن الماضي بهجمة شرسة من عباد الصّليب الحاقدين الغاصبين، فسلبت الأرض، واعملوا الهدم في دينه و أخلاقه، فنشروا الشرك وشجعوا عليه وأيدّوا أنصاره بالمال قوة السلطان، حتى غدا القطر الجزائري على الوصف الذي أخبر به العلامة الطيب العقبي رحمه الله:
ماتت السنة في هذي البلاد &قبر العلم وساد الجهل ساد
وفشا داء اعتقاد باطل & في سهول القطر طرا والنجاد
عبد الكل هواء شيخه & جده ضلوا وضل الاعتقاد
حكموا عادتهم في دينهم & دون شرع الله إذ عم الفساد [2]
وأهملت فيها الدعوة، فجهل جمهور المسلمين عقائد الإسلام وطال عليهم الأمد حتى ظنوا الإسلام جنسية تتمشّى مع الأنساب، لا أنه عقائد وآداب تنال بالتلقين والاكتساب.
وانتشر الشرك وعبادة القبور والأضرحة وتقديم القرابين إليها والنذور، واشتهر الغوث والقطب والمرابط وصرفت إليهم أنواع من العبادات، ونسجت في عقول العامة أساطير وقصص عن الغوث والقطب من علمهم الغيب وما في الضمائر والتصرف في الكون.
وانتشرت الطرق بين المسلمين الجزائريين انتشارا مذهلا، وبلغ الحال أنها أذلت العلماء، إذلالا واستعبدتهم استعبادا بما كان لها من تأييد القوى الصليبية يومها.
وفي الجانب الآخر من الرزايا التي ابتلي بها القطر الجزائري وتسبب في تمزق شمل المسلمين وتفرقهم، المذاهب الكلامية التي تعتمد على المنطق الأرسطي في فهم العقائد.
وانتشرت الشبهات التي يوردها الملاحدة والمنصرّون ويفتنون بها العلماء فضلا عن العوام.
وأفضت الأمة الجزائرية إلى ما أفضت أمم الأنبياء الأوليين فكانوا {كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} [3]
وكاد دين الإسلام يعتريه ما اعترى الأديان، فتطغى بدع أهله على سنته وتغشاها، لولا ما خصّ الله به هذا الدين من حفظه بحفظ كتابه، وبقيام علماء ربانيون على تبليغه.
قال الله تعالى {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [4]
وقال صلى الله عليه وسلم:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون". [5]
وقال صلى الله عليه وسلم:" إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها". [6]
وإن من المجدّدين في عصرنا الظاهرين على الحق بمغربنا الآمرين بالتوحيد بجزائرنا، رجالا حباهم الله بمضاء ذكاء قطعوا به قيود الجمود، وأنعم عليهم بعزائم ثابتة زلزلوا بها راسيات الخرافات وميزهم بهمم عالية فضحت أطماع المتزهدين.
فسيماهم علم في مضاء ذكاء، وعمل في ثبات عزيمة، وسيرة في علو همة.
تلك صفات رجال الإصلاح الديني بوطن الجزائر، الذين ظهروا في ميدان الدعوة إلى التوحيد وترك الشرك والتنديد، منذ سنة 1343، وهي من أوائل المئة الرابعة عشرة بعد عصري النبوة والخلافة.
¥