قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والسلف والأئمة ذموا أهل الكلام المبتدعين الذين خالفوا الكتاب والسنة ومن خالف الكتاب والسنة لم يكن كلامه الا باطلا فالكلام الذي ذمه السلف يذم لانه باطل ولأنه يخالف الشرع ولكن لفظ الكلام لما كان مجملا لم يعرف كثير من الناس الفرق بين الكلام الذي ذموه وغيره فمن الناس من يظن أنهم إنما أنكروا كلام القدرية فقط كما ذكره البيهقي وابن عساكر في تفسير كلام الشافعي ونحوه ليخرجوا أصحابهم عن الذم وليس كذلك بل الشافعي أنكر كلام الجهمية كلام حفص الفرد وأمثاله وهؤلاء كانت منازعتهم في الصفات والقرآن والرؤية لا في القدر وكذلك أحمد بن حنبل خصومه من أهل الكلام هم الجهمية الذين ناظروه في القرآن مثل أبي عيسى محمد بن عيسى برغوث صاحب حسين النجار وأمثاله ولم يكونوا قدرية ولا كان النزاع في مسائل القدر ... ) النبوات (ص 156)
كما ينبغي أن يعلم أن هذا النوع من الكلام لا يصح تسميته علماً كما قال الشافعي وغيره فضلاً أن يسمى علم العقيدة والتوحيد بعلم الكلام ومما يدل على بطلان تسمية علم التوحيد بعلم الكلام أمور:
1 - أن علم التوحيد مصدره الوحي والكلام مصدره عقول البشر وقول على الله بلا علم.
2 - أن علم التوحيد علم محمود جاءت به النصوص ودعا إليه العلماء وصنفوا فيه وأما علم الكلام فذمه السلف وحذروا منه.
3 - أن علم التوحيد نور وهداية وطمأنينة وأمن والكلام شك وحيرة واضطراب و ضلال.
4 - أن علم التوحيد اصوله صحيحة وقواعدهم سليمة موافقة للنقل الصحيح والعقل الصريح واما الكلام فجل أصوله فاسدة مخالفة للنقل والعقل.
5 - أن علم التوحيد يقدم كلام الله وكلام رسوله ويعظمهما واما الكلام فالحاكم فيه العقل فإذا عارضه النقل قدم العقل عليه ولذا فهم يردون أخبار الآحاد في العقيدة ويحرفون النصوص المتواترة من القرآن والسنة.
6 - أن علم التوحيد يشمل أنواع التوحيد الثلاثة توحيد الألوهية والربوبية والسماء والصفات واما الكلام فركزوا جهودهم كلها على توحيد الربوبية مع أنه أمر فطري ولا يكفي صاحبه للدخول في الإسلام والنجاة من النار.
7 - أن علم التوحيد يسير عليه السلف وهم أعلم بدين الله ممن جاء بعدهم وأما الكلام فهو مخالف لما كان عليه السلف.
ولذا لا نجد من أئمة أهل السنة من انتسب إلى الكلام أو ألف فيه أو سمى كتبه بذلك بل سموها بالسنة والإيمان والعقيدة والتوحيد والشريعة واقتصروا فيها على نصوص القرآن والسنة وما يؤيده من كلام السلف.
وأما كتب المتكلمين كغاية المرام في علم الكلام للآمدي ونهاية الإقدام للشهرستاني والمطالب العالية للرازي ونحوها فهي مليئة بالكلام والجدل بعيدة عن نصوص القرآن والسنة.
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[04 - 11 - 07, 12:12 ص]ـ
بارك الله في علمك وعملك شيخنا.
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[06 - 11 - 07, 12:48 ص]ـ
أحسنتم بار الله فيكم .. و لقد أحصيت ما ورد في غاية المرام للامدي من احاديث فوجدتها خمسة و ثلاثين حديثا او أزيد بقليل هذا كله ضمن كتاب طبع في مجلد ضخم .... فإإذا قورن بأصغر رسالة لشيخ الاسلام ابن تيمية عليه رحمة الله كالواسطية مثلا تبين الفرق بين المنهجين من خلال كثرة الشواهد القرانية و الحديثية التي يوردها شيخ الاسلام رحمه الله
واحسنتم تارة اخرى في تفصيلكم بشأن علم الكلام و أن منه المحمود و المذموم و هذه قضية خطيرة يغفل عنها كثير من الاخوان بارك اله فيهم و هو ان اللفظ اذا لم ينطق به الكتاب او السنة فلا يمدح و لا يذم باطلاق حتي يستفصل في معناه بوضوح كي يتسني الحكم عليه بوضوح و هذه القضية المنهجية كانت واضحة بجلاء شديد في ذهن شبخ الاسلام و تلميذه ابن القيم رحمهما الله و للاسف غابت عن اذهان كثير من الاخوة فتجد من يمدح و يذم اللفظ او المصطلح مع اشتماله علي حق و باطل و ما ذكرتموه انتم من نموذج لعلم الكلام مثال يستدرك به ما وراءه مما لم تذكروه