3 - وإما أن يصدق الظواهر النقلية ويكذب الظواهر العقلية وذلك باطل. لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته وكيفية دلالة المعجزة على صدق الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وظهور المعجزات على يد محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولو جوزنا القدح في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متهماً غير مقبول القول، ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في هذه الأصول، وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة.
فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يفضي إلى القدح في العقل والنقل معاً وأنه باطل، ولما بطلت الأقسام الأربعة لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال أنها غير صحيحة. أو يقال: إنها صحيحة إلا أن المراد منها غير ظواهرها.
ثم إن جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل.
وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى. فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات وبالله التوفيق" اهـ.
و في هذا يقول الإمام ابن القيم رحمه الله متحدثا على لسان شيوخهم:
عطّل وحرّف ثم أوّل وانفها ... واقذف بتجسيم وبالكفران
للمثبتين حقائق الأسماء والأ ... وصاف بالأخبار والقرآن
فإذا هم احتجوا عليك فقل لهم ... هذا مجاز وهو وضع ثان
فإذا غُلبت على المجاز فقل لهم ... لا يستفاد حقيقة الايقان
أنى وتلك أدلة لفظية ... عزلت عن الايقان منذ زمان
فاذا تضافرت الأدلة كثرة ... وغلبت عن تقرير ذا تبيان
فعليك حينئذ بقانون وضـ ... ـعناه لدفع أدلة القرآن
ولكل نص ليس يقبل أن يُؤو ... ل بالمجاز ولا بمعنى ثان
قل عارض المنقول معقول وما الأ ... مران عند العقل يتفقان
ما ثمَّ الا واحد من أربع ... متقابلات كلها بوزان
أعمالُ ذين وعكسه أو تلغى المعقـ ... ول ما هذا بذي أمكان
العقلُ أصل النقلِ وهو أبوه أن ... تبطله يبطل فرعه التحتاني
فتعيّن الأعمال للمعقول والا ... لغاء للمنقول بالبرهان
أعماله يفضي الى الغائه ... فاهجره هجر الترك والنسيان
شيخي الكريم وأخي الحبيب / المقدادي،
جزاكم الله على هذه الافادة،
وكنت أود لو انكم ضربتم أمثلة تطبيقية لهذا القانون الكلي، ومن كتبهم،
وكيف أنهم مثلا ردوا حديث كذا وكذا وفق قانونهم.
وان كنا نرى من البعض منهم ردا وعدم قبول على مانكتبه من أحاديث،
الا أن هؤلاء لا يعتد بهم، انما نريد علمائهم.
وفقكم الله.
ـ[المقدادي]ــــــــ[11 - 11 - 07, 01:41 ص]ـ
خير من طبق قاعدته هذه هو الرازي نفسه فقد تأول مجيء الله تعالى يوم القيامة بما لا مزيد لها من وجوه!!! حتى زعم ان مربيا للرسول صلى الله عليه و سلم من الملائكة هو المقصود بأنه يجيء يوم القيامة! نعوذ بالله من الضلال
قال في تفسيره عند الاية " كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23):
الصفة الثانية: من صفات ذلك اليوم قوله: {وَجَاء رَبُّكَ والملك صَفّاً صَفّاً}.
واعلم أنه ثبت بالدليل العقلي أن الحركة على الله تعالى محال، لأن كل ما كان كذلك كان جسماً والجسم يستحيل أن يكون أزلياً فلا بد فيه من التأويل، وهو أن هذا من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، ثم ذلك المضاف ما هو؟ فيه وجوه أحدها: وجاء أمر ربك بالمحاسبة والمجازاة وثانيها: وجاء قهر ربك كما يقال جاءتنا بنو أمية أي قهرهم وثالثها: وجاء جلائل آيات ربك لأن هذا يكون يوم القيامة، وفي ذلك اليوم تظهر العظائم وجلائل الآيات، فجعل مجيئها مجيئاً له تفخيماً لشأن تلك الآيات ورابعها: وجاء ظهور ربك، وذلك لأن معرفة الله تصير في ذلك اليوم ضرورية فصار ذلك كظهوره وتجليه للخلق، فقيل: {وَجَاء رَبُّكَ} أي زالت الشبهة وارتفعت الشكوك خامسها: أن هذا تمثيل لظهور آيات الله وتبيين آثار قهره وسلطانه، مثلت حاله في ذلك بحال الملك إذا حضر بنفسه، فإنه يظهر بمجرد حضوره من آثار الهيبة والسياسة مالا يظهر بحضور عساكره كلها وسادسها: أن الرب هو المربى، ولعل ملكاً هو أعظم الملائكة
¥