وأما تعليل القائل لحكمه بكفر هذا الخطيب أن ظاهر عبارته إثبات الحركة لله - عز وجل - فهذا التعليل يقتضي امتناع الحركة لله، وأن إثباتها كفر، وفيه نظر ظاهر، فقد أثبت الله تعالىلنفسه في كتابه أنه يفعل، وأنه يجيء يوم القيامة، وأنه استوى على العرش، أي علا عليه علوًا يليق بجلاله، وأثبت نبيه، صلى الله عليه وسلم، أنه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ واتفق أهل السنة على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه، ولا محرفين للكلم عن مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله. وهذه النصوص في إثبات الفعل، والمجيء، والاستواء، والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها، وإن كنا لا نعقل كيفية هذه الحركة، ولهذا أجاب الإمام مالك من سأله عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]. كيف استوى؟ فقال: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ". وإن كانت هذه النصوص لا تستلزم الحركة لله تعالىلم يكن لنا إثبات الحركة له بهذه النصوص، وليس لنا أيضًا أن ننفيها عنه بمقتضى استبعاد عقولنا لها، أو توهمنا أنها تستلزم إثبات النقص، وذلك أن صفات الله تعالى توقيفية، يتوقف إثباتها ونفيها على ما جاء به الكتاب والسنة، لامتناع القياس في حقه تعالى، فإنه لا مثل له ولا ند، وليس في الكتاب والسنة إثبات لفظ الحركة أو نفيه، فالقول بإثبات لفظه أو نفيه قول على الله بلا علم. وقد قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}. وقال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 36]. فإذا كان مقتضى النصوص السكوت عن إثبات الحركة لله تعالى أو نفيها عنه، فكيف نكفر من تكلم بكلام يثبت ظاهره ـ حسب زعم هذا العالم ـ التحرك لله تعالى؟! وتكفير المسلم ليس بالأمر الهين، فإنّ من دعا رجلًا بالكفر فقد باء بها أحدهما، فإن كان المدعو كافرًا باء بها، وإلا باء بها الداعي.
وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كثير من رسائله في الصفات على مسألة الحركة، وبين أقوال الناس فيها، وما هو الحق من ذلك، وأن من الناس من جزم بإثباتها، ومنهم من توقف، ومنهم من جزم بنفيها.
والصواب في ذلك: أن ما دل عليه الكتاب والسنة من أفعال الله تعالى، ولوازمها فهو حق ثابت يجب الإيمان به، وليس فيه نقص ولا مشابهة للخلق، فعليك بهذا الأصل فإنه يفيدك، وأعرض عما كان عليه أهل الكلام من الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص الكتاب والسنة إليها ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه، سواء عن نية صالحة أو سيئة.
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=353&CID=33
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[14 - 11 - 07, 08:34 ص]ـ
أرجو ان تقرأ ردي رقم 12 الذي كتبته وقت كتابتك لردك علي
وانا قلت انه لا يلزم من نزوله الحركة ولم انفه مطلقا
ولكنني ارد على من يبطل الصفة لأنه يقول بأنه يلزم منه الحركة والنقلة.
وأرجو أن تجيب على الأسئلة التالية:
- هل قال أحد من أهل العلم بإثبات الحركة لصفة النزول؟
- هل عرف أحد من أهل اللغة المتقدمين بأن النزول حركة أو نقلة؟
يعني هل هي من المعنى العام والمعنى الأصلي للكلمة الذي نثبته أم أنها مرتبطة بالكيفية؟ فعندها لا علم لنا بها؟
وأخيرا أرجو أن تتنبه إلى أنني لم انفيها نفيا مطلقا لكنني قلت بأنها من الكيفية والتي ليس لنا علم بها، فحينئذ قول الذين يبطلون حقيقة الصفة بأنه يلزم من اثباتها الحركة والنقلة حجة ضعيفة وخاطئة.
ـ[المقدادي]ــــــــ[14 - 11 - 07, 10:19 ص]ـ
وعموما فالقول فى الحركة والنقلة لا نثبته لله ولا ننفيه، هذا فى مجال التقرير العقدي لأهل السنة،لكن إن كان ذلك فى مجال المحاججة مع المبتدعة فهو من لوازم إثبات بعض الصفات ومقتضاها، وقد تكلم شيخ الإسلام على المسئلة كثيرا وأن الناس فيها ثلاثة أقسام بين مثبت جازم وناف وبين متوقف، ورجح الثالث.
. [/ COLOR]
http://www.al-eman.com/Islamlib/viewchp.asp?BID=353&CID=33
اخي الكريم
إثبات الحركة و النقلة ليس من لوازم إثبات النزول حتى مع محاججة المبتدعة
نعم , يقال لهم: ان كان لازم هذه الصفات لله تعالى تستلزم ما ذكرتم فنحن نقر بذلك لأن لازم الحق حق
و لكن اللازم لأي شيء كان لا يُعرف إلا بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره، أو الخبر الصادق عنه، وكل ذلك منتفٍ بالنسبة لكيفية صفات الله تعالى.
و هناك فرق بين اللازم و المعنى و سؤالك:" للعقيدة " كان عن المعنى الذي يُثبت من غير إثبات النقلة و الحركة و لا يخفاك أخي الحبيب ان اللازم شيء و المعنى شيء آخر
و يبقى ما سطرته أناملك هو الصواب و الأسلم: " وعموما فالقول فى الحركة والنقلة لا نثبته لله ولا ننفيه "
و قد يُستفصل من المبتدعة في هذا المقام لأنني رأيت بعضهم يقصد أصل المعنى و يصطلح عليه بـ الحركة و النقلة و هذا باطل ,,,
فالمبتدعة يتوسلون بهذه الألفاظ لنفي حقيقة الصفات
¥