تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: اعتراف العبد أن الفضل كله من الأول والآخر سبحانه وليس من نفسه ولا أحد سواه

قال ابن القيم: " فعبوديته باسمه الأول تقتضي التجرد من مطالعة الأسباب أو الالتفات إليها , وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته , وأنه هو المبتدىء بالإحسان من غير وسيلة من العبد إذ لا وسيلة له في العدم قبل وجوده؛ فأي وسيلة كانت هناك وإنما هو عدم محض وقد أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا , ووسمك بسمة الإيمان وجعلك من أهل قبضة اليمين فعصمك عن العبادة للعبيد وأعتقك من التزام الرق لمن له شكل وندية , ثم وجه وجهة قلبك إليه سبحانه دون ما سواه فاضرع إلى الذي عصمك من السجود للصنم وقضى لك بقدم الصدق في القدم أن يتم عليك نعمة هو ابتدأها وكانت أوليتها منه بلا سبب منك , وعليك بالمطالب العالية والمراتب السامية التي لا تنال إلا بطاعة الله فإن الله سبحانه قضى أن لا ينال ما عنده إلا بطاعته ومن كان لله كما يريد كان الله له فوق ما يريد فمن أقبل إليه تلقاه من بعيد , ومن تصرف بحوله وقوته ألان له الحديد , ومن ترك لأجله أعطاه فوق المزيد , ومن أراد مراده الديني أراد ما يريد واقصر حبك وتقربك على من سبق فضله وإحسانه إليك كل سبب منك , بل هو الذي جاد عليك بالأسباب وهيأ لك وصرف عنك موانعها وأوصلك بها إلى غايتك المحمودة , فتوكل عليه وحده وعامله وحده وآثر رضاه وحده واجعل حبه ومرضاته هو كعبة قلبك التي لا تزال طائفا بها مستلما لأركانها واقفا بملتزمها فيا فوزك ويا سعادتك إن اطلع سبحانه على ذلك من قلبك ماذا يفيض عليك من ملابس نعمه وخلع أفضاله , فمن نزل اسمه الأول على هذا المعنى أوجب له فقرا خاصا وعبودية خاصة " [6]

ومنها: االتحقق بمعرفة اسم الله الآخر يوجب صحة الاضطرار وكمال الافتقار

يقول ابن القيم:" وعبوديته باسمه الآخر تقتضي أيضا عدم ركونه ووثوقه بالأسباب والوقوف معها فإنها تنعدم لا محالة وتنقضي بالآخرية ويبقى الدائم الباقي بعدها. فالتعلق بها تعلق بعدم وينقضي , والتعلق بالآخر سبحانه تعلق بالحي الذي لا يموت ولا يزول؛ فالمتعلق به حقيق أن لا يزول ولا ينقطع بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به.كذا نظر العارف إليه بسبق الأولية حيث كان قبل الأسباب كلها وكذلك نظره إليه ببقاء الآخرية حيث يبقى " [7]

" فكما كان واحدا في إيجادك فاجعله واحدا في تألهك إليه لتصح عبوديتك , وكما ابتدأ وجودك وخلقك منه فاجعله نهاية حبك وإرادتك وتألهك إليه لتصح لك عبوديته باسمه الأول والآخر وأكثر الخلق تعبدوا له باسمه الأول وإنما الشأن في التعبد له باسمه الآخر فهذه عبودية الرسل وأتباعهم فهو رب العالمين وإله المرسلين سبحانه وبحمده "

وقال "ويجعل المرجعية في فعله إلى ما اختاره لعبده، لعلمه أن الله عز وجل مالك الإرادات ورب القلوب والنيات، يصرفها كيف شاء، فما شاء أن يزيغه منها أزاغه، وما شاء أن يقيمه منها أقامه، قال تعالى: (رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لنَا مِنْ لدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ) [آل عمران:8] وهو الذي ينجي من قضائه بقضائه، وهو الذي يعيذ بنفسه من نفسه، وهو الذي يدفع ما منه بما منه، وما شاء لم يستطع أن يصرفه إلا مشيئته وما لم يشأ لم يمكن أن يجلبه إلا مشيئته؛ فسبحان من لا يوصل إليه إلا به، ولا يطاع إلا بمشيئته، ولا ينال ما عنده من الكرامة إلا بطاعته، ولا سبيل إلى طاعته إلا بتوفيقه ومعونته، فعاد الأمر كله إليه، كما ابتدأ الأمر كله منه، فهو الأول والآخر، والكل مستند إليه إبداعا وإنشاء واختراعا، وخلقا وإحداثا، وتكوينا وإيجادا، وإبداء وإعادة وبعثا، فله الملك كله، هو الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده" [8].

ومنها:أن يظهر أثر الاسم على سلوك العبد فيظهر من محبة الأولية في طلب الخير، وطلب الأسبقية في التزام الأمر، وحرصه على المزيد والمزيد من الأجر، قال تعالى في وصف عباده الموحدين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير