تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من تراث العلماء المغاربة في نقض القبورية]

ـ[الموسوي]ــــــــ[15 - 11 - 07, 05:20 ص]ـ

إليكم هذه الفتوى, مع التماس نظيرها أو قريبا منها في حكم أفعال القبوريين لمن تولى الإفتاء أو مناصب دينية في العالم الإسلاميلماذا لا نحي عهد "الزردة" و"الوعدة"؟

بقلم: فضيلة الشيخ العلامة الفقيه أحمد حماني (رحمه الله)

أول مفتي للجزائر, ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى سابقا بالجزائر

فحوى السؤال:

كنّا نزور المشايخ بنّية خالصة ونتبرك بآثار الصالحين ونتمسّح بقبورهم ونتوسّل بهم ونقيم الزردات والوعدات كلّما اشتدّت بنا المحن فنظفر بالمنن وتفرج علينا، حتّى جاء البادسيّون وقطعوا علينا هذه الاحتفالات البهيجة وغابت علينا وغضب علينا ديوان الصالحين.

أفليس من الخير أن نعود إلى الزردة والوعدة ونحيي ما اندثر، فإنّ ذلك عادات الآباء والأجداد، زيادة على الرجاء في تبديل الأحوال، وانصراف الأهوال وإرضاء الرجال وعسى أن تنفرج عنّا المحن وتكثر المنن.

هذا ما يقوله بعض الناس ويودّ أن تُسَبِّح الأمّة فتذهب الغمّة وما علينا في الزردة والوعدة وقضاء زمن كثير في الأفراح والأيّام والليالي الملاح والقَصْبَة والبَنْدِير، والتهويل والشخير والنحير، وما رأيكم دام فضلكم؟

عبد الله الغفلان زمورة (ولاية غليزان)

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هداه. أوّلا: سؤال محيّر لا ندري أصاحبه جادّ به أم هازل؟ فإن كان جادّا أجبناه بعلمنا ولا عتب علينا وإن كان هازلا بنا فإنّا نعوذ بالله أن نكون من الهازلين.

فقول السائل: "كنا نزور المشايخ بنية صالحة" الصواب كنّا نزورهم بغفلة فاضحة، أعيننا مغفلة وعقولنا معطّلة. فالشيوخ كانوا عاطلين عن كلّ ما يؤهّلهم للزيارة! فلا علم ولا زهد ولا صلاح ولكن نسب مرتاب في صحّته فكنّا – كما قيل – نعبدهم ونرزقهم. والزيارة الشرعية تكون للشيخ إذا كان من ذوي العلم والفهم والصلاح فيكتسب منه الزائر العلم والدين والصلاح ويأخذ منه المنقول والمعقول ويرجع بفوائده جمّة، كما كان عالم المدينة بها وأبو حنيفة في العراق، هذه الزيارة هي المأذون فيها وكانت تضرب إليه آباط الإبل، فأمّا إذا كان الشيخ كالصنم فماذا يستفيد منه الزائر؟ أعلما أم زهدا أم صلاحا أم نصيحة وعقلا؟ إنّ المشايخ كانوا خلوا من كلّ ذلك، وفاقد الشييء لا يعطيه. والذين كان لا يمكن الاستفادة من علمهم لم يَرِدُوا في سؤالكم ولا يمكن أن يخطروا ببالكم مثل ابن باديس والتبسي رحمهما الله، فقد كان يزورهم الطلاب ويرجعون من عندهم بعلم وفير ونصائح جمّة أفادت الوطن والأمّة. وإنّما حكمت بأنّك لا تريد هذا الصنف المقيّد من العلماء لأنّك ذكرت مع زيارتهم، البركة والتمسّح بالقبور والزردة والوعدة ونسيت الهردة والوخدة والفجور والخمور، فقد أنقذوا الأمة من هذه الشرور وخلّصوها من قبضة مشايخ الطرق، فكان ذلك مقدمة لتحريرها ورفع رايتها، ولم يكن لغالب مشايخ الطرق إلا قضية النسب الشريف وهو مظنون، وإن صحّ ففي الحديث: "من بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه" (رواه مسلم)، وأمّ الشرفاء قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا فاطمة لا أغني عنك من الله شيئا" (رواه البخاري ومسلم) فإذا أردت أخذ البركة من المشايخ فاقصدهم للعلم والفضل والصلاح والزهد واقتد بهم واعمل عملهم تنتفع وتحصل لك أنواع من البركة الحقيقية لا المتخيّلة.

ثانيا: وأمّا قولك "نتمسّح بقبورهم" فإنّ مثل هذا التمسّح نوع من الشرك ولا يكون إلاّ للحجر الأسود بالكعبة فقط مع التوحيد الخالص لله وقد قال له عمر يخاطبه: "والله ما أنت إلا حجر لا تنفع ولا تضر ولو لا أنّي رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك" (متفق عليه). فإن كنت مع الحجر الأسود كما قال عمر فلا بأس أن تقبّله، أمّا غيره فلا يجوز لك التمسّح به فإنّ التمسّح به وتقبيله شرك يتنَزّه عنه المؤمن الموحّد. إنّ المؤمن يعلم – كما علم عمر – أنّه حجر والله يقول في مثله من الجماد الذي كان يفتن العباد: "إنْ تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشركِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ" [فاطر: 14]. فالبركة المستفادة من هذا التمسّح هي الرجوع إلى عهد الجاهلية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير