وقال الأزهري (ت 370) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((وأما صفة الله ـ جل ذكره بـ (السيد)، فمعناه أنه مالك الخلق، والخلق كلهم عبيده)) (33 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn33)) .
وقال أبو سليمان الخطابي (ت 388) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قوله: السيد الله، يريد أن السؤدد حقيقة لله ـ عز وجل ـ وأن الخلق كلهم عبيد له)) (34 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn34)) .
وقال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: ((السيد إذا أطلق عليه ـ تعالى ـ فهو بمعنى المالك والمولى والرب، لا بالمعنى الذي يطلق على المخلوق)) (35 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn35)) .
فهذه بعض معاني السيد في حق الله ـ تعالى ـ إذ إن الإتيان على معاني هذا الاسم كلها مما يكاد يكون من المتعذر.
المبحث الثالث: آثار هذا الاسم
إن لهذا الاسم آثارا عظيمة، وذلك لعظمة هذا الاسم وكثرة معانيه، فمن هذه الآثار:
1 - إثبات السيادة لله ـ تعالى ـ من جميع الوجوه.
2 - وجوب إفراده ـ جل وعلا ـ بالربوبية، إذ هو رب كل شيء ومليكه، وخالقه ومدبره، وكل شيء راجع إليه، فمن اعتقد أن مع الله ـ تعالى ـ متصرفا في هذا الكون: ملكا مقربا، أو نبيا مرسلا، أو وليا صالحا.
وقد خالف في هذا الأمر كثير من الغلاة، فقد ذكر كثير من المتصوفة عن بعض من يعتقدون فيهم الولاية أن لهم تصرفا في هذا الكون، حيث ذكروا من يسمونه بالقطب، وزعموا أن له تصرفا في الوجود.
يقول محيي الدين بن عربي الصوفي الأندلسي: ((واعلم أن لكل بلد أو إقليم قطبا غير الغوث، به يحفظ الله ـ تعالى ـ تلك الجهة، سواء كان أهلها مؤمنين أو كفارا، وكذلك القول في الزهاد والعباد والمتوكلين وغيرهم، لا بد لكل صنف منهم من قطب يكون مدارهم عليه)) (36 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn36)) .
ويقول التجاني: ((إن حقيقة القطبانية هي الخلافة العظمى عن الحق مطلقا في جميع الوجود جملة وتفصيلا، حيثما كان الرب إلها، كان هو خليفة في تصريف الحكم وتنفيذه في كل من له عليه ألوهية لله ـ تعالى ـ فلا يصل إلى الخلق شيء كائنا ما كان من الحق إلا بحكم القطب، ثم قيامه في الوجود بروحانيته في كل ذرة من ذرات الوجود، فترى الكون كله أشباحا لا حركة، وإنما هو الروح القائم فيها جملة وتفصيلا، ثم تصرفه في مراتب الأولياء، فلا تكون مرتبة في الوجود للعارفين والأولياء خارجة عن ذوقه، فهو المتصرف فيها جميعا، والممد لأربابها، به يرحم الوجود، وبه يبقى الوجود في بقاء الوجود رحمة لكل العباد وجوده في الوجود)) (37 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn37)) .
ومن نظر في كثير مما يزعمه المتصوفة كرامات للأولياء يجدها من هذا الجنس (38 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn38)) .
فاعتقاد ذلك مخالف لاعتقاد السيادة لله ـ تبارك تعالى.
3 - وجوب إفراده ـ جل وعلا ـ بالعبادة، فإنه إذا كان سيد كل شيء وربه ومليكه وخالقه ورازقه، وكل شيء تحت تصرفه وتقديره، فإنه يمتنع حينئذ أن يعبد غيره، أو يسأل غيره، أو يرجى غيره، أو يتوكل على غيره â لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض ? (39 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn39)) .
فمن صرف شيئا من أنواع العبادة من توكل ودعاء واستغاثة واستعانة وذبح ونذر وحلف وغير ذلك، فقد خالف مقتضى هذه السيادة، وجعل السيادة لغير الله ـ تعالى ـ.
وكثير من الناس في هذا العصر قد صرفوا كثيرا من أنواع العبادة لغير الله ـ تعالى ـ وهم ـ بزعمهم ـ يعتقدون أنهم فعلوا ذلك لهذا الأمر، وحال هؤلاء حال من قال الله - تعالى - فيهم {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ? (40 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn40)) ومن أخبر الله ـ تعالى ـ عنهم بقوله: â أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ? (41 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn41)) .
¥