وأما في الآخرة، فلأن الجزاء مرتب على الأخلاق والأوصاف، فإذا فضلهم في الدنيا في المناقب والصفات، فضلهم في الآخرة في المراتب والدرجات)) (94 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn94)) .
وقال المناوي (ت 1031) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قوله: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة)) خصه لأنه يوم مجموع له الناس، فيظهر سؤدده لكل أحد عيانا، ووصف نفسه بالسؤدد المطلق المفيد للعموم في المقام الخطابي على ما تقرر في علم المعاني، فيفيد تفوقه على جميع ولد آدم حتى أولوا العزم من الرسل واحتياجهم إليه ... وتخصيصه ولد آدم ليس للاحتراز، فهو أفضل حتى من خواص الملائكة كما نقل الإمام عليه الإجماع ومراده إجماع من يعتد به من أهل السنة)) (95 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn95)) .
فقد بين النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وجه كونه سيد الناس يوم القيامة، حيث إنه بين أن أفضل الرسل تأخروا عن هذه الرتبة الشريفة والمقام المحمود، الذي هو الشفاعة لأهل الموقف كلهم، حتى بلغت النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
المطلب الثاني:
في بيان أنه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لم يخبر بسيادته على وجه الفخر
كونه سيد الناس، وسيد ولد آدم ـ لم يرد بذلك فخرا، حيث نفاه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بقوله: ((ولا فخر)).
قال الحافظ النووي ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قال العلماء: وقوله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: أنا سيد ولد آدم، لم يقله فخرا، بل صرح بنفي الفخر في الحديث المشهور: ((أنا سيد ولد أدم ولا فخر)) وانما قاله لوجهين:
أحدهما: امتثال قوله تعالى: â وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ? (96 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn96)) .
والثاني: أنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه إلى أمته؛ ليعرفوه ويعتقدوه ويعملوا بمقتضاه ويوقروه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بما تقتضي مرتبته كما أمرهم الله ـ تعالى)) (97 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn97)) .
وقال العز بن عبد السلام ـ رحمه الله تعالى ـ: ((وإنما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أنا سيد ولد آدم، لتعرف أمته منزلته من ربه ـ عز وجل)) (98 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn98)) .
وقال المناوي ـ رحمه الله تعالى ـ: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، أي أقول ذلك شكرا لا فخرا، فهو من قبيل قول سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ: â عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْر ? (99 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn99)) أي لا أقوله تكبرا وتفاخرا وتعاظما على الناس.
وقيل: لا أتكبر به في الدنيا، وإلا ففيه فخر الدارين.
وقيل: لا أفتخر بذلك، بل فخري بمن أعطاني هذه الرتبة.
والفخر: ادعاء العظمة والمباهاة، وهذا قاله للتحدث بالنعمة وإعلاما للأمة ليعتقدوا فضله على جميع الأنبياء)) (100 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn100)) .
المطلب الثالث:
في بيان شمولية سيادته لآدم ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وبنيه
إن سيادة النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لبني آدم شاملة لآدم ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وبنيه، وما جاء في حديث ((أنا سيد ولد آدم)) لا ينفي كونه سيدا لآدم، يدل على هذا اللفظ الآخر للحديث ((أنا سيد الناس يوم القيامة)) والناس يدخل فيهم آدم عليه السلام.
وقد بين النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بم صار سيدهم، وهو إتيان الناس لآدم فمن بعده من الأنبياء ليشفعوا لهم، فيتأخروا عنها، حتى تكون النوبة لمحمد ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فيتولى أمرها، ويقوم بها، ويَشفَع ويُشفَّع.
قال العلامة السندي (ت 1138) ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قالوا في حديث: أنا سيد ولد آدم: إن الاسم يشمل آدم أيضا والله تعالى أعلم)) (101 ( http://www.iu.edu.sa/Magazine/122/3.htm#_ftn101)) .
¥