تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويعطي الله السلطان والجاه - مع رحمته - فإذا هي أداة إصلاح , ومصدر أمن ,ووسيلة لادخار الطيب الصالح من العمل والأثر. ويمسك الله رحمته فإذا الجاه والسلطان مصدر قلق على فوتهما , ومصدر طغيان وبغي بهما , ومثار حقد وموجدة على صاحبه مالا يقر له معهما قرار , ولا يستمتع بجاه ولا سلطان ,ويدخر بهما للآخرة رصيداً ضخماً من النار! والعلم الغزير. والعمر الطويل. والمقام الطيب. كلها تتغير وتتبدل من حال إلى حال. . . مع الإمساك ومع الإرسال. . وقليل من المعرفة يثمر وينفع , وقليل من العمر يبارك الله فيه. وزهيد من المتاع يجعل الله فيه السعادة.

ورحمة الله لا تعز على طالب في أي مكان ولا في أي حال.

وجدها إبراهيم – عليه السلام - في النار.

ووجدها يوسف - عليه السلام - في الجب كما وجدها في السجن.

ووجدها يونس - عليه السلام - في بطن الحوت في ظلمات ثلاث.

ووجدها موسى – عليه السلام - في اليم وهو طفل مجرد من كل قوة ومن كل حراسة , كما وجدها في قصر فرعون وهو عدو له متربص به ويبحث عنه.

ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور. فقال بعضهم لبعض: (فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته).

ووجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهما ويقصون الآثار. .

ووجدها كل من آوى إليها يأساً من كل ما سواها. منقطعاً عن كل شبهة في قوة , وعن كل مظنة في رحمة , قاصداً باب الله وحده دون الأبواب [9].

ومن الآثار:

إن المؤمن إذا علم أن الله إذا فتح أبواب رحمته لأحد فلا ممسك لها. ومتى أمسكها فلا مرسل لها. كانت مخافته من الله. ورجاء ه في الله .. إنما هي مشيئة الله. ما يفتح الله فلا ممسك. وما يمسك الله فلا مرسل .. يقدر بلا معقب على الإرسال والإمساك. ويرسل ويمسك وفق حكمة تكمن وراء الإرسال والإمساك. (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده).

لو استقر هذا المعنى في قلب إنسان لصمد كالطود للأحداث والأشخاص والقوى والقيم. ولو تضافر عليها الإنس والجن. وهم لا يفتحون رحمة الله حين يمسكها , ولا يمسكونها حين يفتحها. . (وهو العزيز الحكيم). .

إنها رحمة الله يفتح الله بابها ويسكب فيضها في آية من آياته. آية من القرآن تفتح كوة من النور. وتفجر ينبوعاً من الرحمة. وتشق طريقاً ممهوداً إلى الرضا والثقة والطمأنينة والراحة [10].

قال عامر بن عبد قيس: أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده) (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله) (وسيجعل الله بعد عسر يسرا الطلاق) (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها هود) [11].

اللهم لك الحمد منزل القرآن هداية وزكاة وشفاء ورحمة للمؤمنين ... «لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمةً، إنك أنت الوهاب»، «رحمتك نرجو، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين».

* / كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم - الدراسات العليا

17/ 4/1428

[1] رواه مسلم رقم (1420).

[2] متفق عليه: رواه البخاري ح 3143 و اللفظ له. ورواه مسلم ح 2245 بنحوه. كلاهما عن أبي هريرة رضي الله عنه.

[3] رواه الحاكم ح 7562. والحديث صححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2/ 274 ح 2264.

[4] ينظر: فتح الباري 13/ 358 في معنى قول الحليمي: الرحمن هو مزيح العلل، أسماء الله الثابتة في الكتاب والسنة، للرضواني 2/ 7، بتصرف واختصار.

[5] رواه البخاري ح 5654.

[6] رواه البخاري ح 6104.

[7] ينظر: في ظلال القرآن تفسير آية الزمر رقم:9، والإسراء رقم: 57، البقرة 218 بتصرف كثير.

[8] ينظر: روح المعاني، للألوسي 22/ 165.بتصرف.

[9] ينظر: في ظلال القرآن، تفسير قوله تعالى (ما يفتح الله للناس من رحمة .. ) سورة فاطر، آية رقم: 2.

[10] المرجع السابق نفس الموضع.

[11] الدر المنثور، للسيوطي 7/ 5.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير