تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الملك جل جلاله (1)]

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[18 - 11 - 07, 05:48 ص]ـ

[الملك جل جلاله (1)]

* بقلم / ماجد بن أحمد الصغير

الحمد لله الذي له مافي السموات، ومافي الأرض، يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير.

والحمد لله الذي لم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، له ملكوت كل شيء وهو يجير ولايجار عليه.

وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، يخفض ويرفع، ويعطي ويمنع، وهو بكل شي عليم.

والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد.

فإن الله سبحانه هو الملك، الذي له غاية الجلالة والمهابة، وهو صاحب الملك ومالك الملك، الذي ينفذ أمره في ملكه؛ وله الملك والملكية جميعاً. وهو صاحب الملك التام.قال الله تعالى: {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك}.وهو المالك: صاحب الملك الذي ينفذ أمره على المالكين حتى يمنعهم من التصرف في ملكهم. وهو المالك للمُلك.قال الله سبحانه: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء} وهو سبحانه المليك المقتدر يعنى: الرب والمالك، فهو الَملك العظيم المُلك.

قال أميَّة بن أبي الصلت:

لك الحمدُ والنَّعْماءُ والفضْلُ ربَّنا ... ولا شيْءَ أعلَى منكَ جِداً وأمْجدُ.

مليْكٌ على عرْشِ السَّمَاءِ مهيْمنٌ ... لعزَّته تعْنُو الوجوهُ وتسْجُدُ.

وكل هذه الأسماء قريبة المعاني تدل بمجموعها على اتصافه سبحانه بالملك التام الشامل المحيط الذي لايند منه شيء، ولا يخرج عنه حي.

وإن من يتأمل خطاب القرآن – كلام الله - يجد الرب سبحانه وتعالى ملكاً له الملك كله، وله الحمد كله. أزمة الأمور كلها بيده، ومصدرها منه، ومردها إليه. مستوياً على سرير ملكه لا تخفى عليه خافية في أقطار مملكته عالماً بما في نفوس عبيده، مطلعاً علي أسرارهم وعلانيتهم، منفرداً بتدبير المملكة، يسمع، ويرى، ويعطي، ويمنع، ويثيب، ويعاقب، ويكرم، ويهين، ويخلق ويرزق، ويميت ويحيي، ويقدر ويقضي، ويدبر الأمور نازلة من عنده دقيقها وجليلها وصاعدة إليه لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ولا تسقط ورقة إلا بعلمه [1].

يُذِّكرُ عباده فقرهم إليه، وشدة حاجتهم إليه، وأنهم لا غنى لهم عنه طرفة عين ويَذكرُ غناه عنهم .. وأنه الغني بنفسه عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه بنفسه، وأنه لا ينال أحد ذرة من الخبر فما فوقها إلا بفضله ورحمته، ولا ذرة من الشر فما فوقها إلا بعدله وحكمته ... وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم وغافر زلاتهم [2].

هو الملك الحق المبين القاهر، الذي قد دانت له الخليقة، وعنت له الوجوه، وذلت لعظمته الجبابرة، وخضع لعزته كل عزيز.

مليكٌ على عرش السماء مهيمنٌ ... لعزته تعنو الوجوه وتسجد.

يرسل إلى أقاصي مملكته بأوامره فيرضى على من يستحق الرضا، ويثيبه، ويكرمه، ويدنيه، ويغضب على من يستحق الغضب، ويعاقبه، ويهينه، ويقصيه فيعذب من يشاء ويرحم من يشاء ويعطى من يشاء ويقرب من يشاء ويقضى من يشاء له دار عذاب وهي النار وله دار سعادة عظيمة وهي الجنة [3].

والله سبحانه مالك الملك فـ (لامالك إلا الله) واستحقاق الله للملك لأمرين:

أولاً: لأنه خلق الخلق، وصنعه، وأبدعه، وأنشأه وحده - سبحانه -، وملوك الدنيا لا يقوم لهم ملك إلاَّ بأعوان .. ، وأما الله سبحانه فلا أحد يساعده على إنشاء الخلق، ولا أحد يعاونه على استقرار الملك، ولا أحد يمسك معه السماء أن تقع على الأرض إلاَّ بإذنه.

وثانياً: لأنه دائم الحياة، بخلاف غيره من الملوك يموتون فينتقل ملكهم إلى وراثهم، وكل أولئكم يؤول ملكهم إلى الله سبحانه، يقول الحق سبحانه ? كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ? سورة الرحمن،آية رقم:26، ويقول عز وجل ? وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ? سورة آل عمران، آية رقم: 180، ويقول عز وجل يوم القيامة ? لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ? سورة غافر، آية رقم:16. فالملك في ابتداء الأمر لله، والملك عند زوال الأرض، وانتهاء الأمر ليس لأحد عداه.

فالله هو الملك الحق الذي أنشأ الملك، وأقامه بغير معونة من الخلق، وصرف أموره بالحكمة والعدل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير