تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القَابِضُ الباسط جل جلاله (1)

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[19 - 11 - 07, 05:36 ص]ـ

القَابِضُ الباسط جل جلاله (1)

* بقلم / خالد بن محمد السليم

عظم نورك ربنا فهديت فلك الحمد , وبسطت يدك فأعطيت فلك الحمد , وعظم حلمك فعفوت فلك الحمد , والصلاة والسلام على الرحمة المهداة وآله وصحبه , وبعد

فقد ورد هذان الاسمان في صحيح السنة ففي سنن أبي داود وابن ماجه الترمذي وقال حسن صحيح وصححه الألباني عن أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: (قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلاَ السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ) [1]

فالباسِطُ سبحانه: هو الذي يَبْسُط الرزق لعباده بجُوده ورحمته، ويوسعه عليهم ببالغ كرمه وحكمته، فيبتليهم بذلك على ما تقتضيه مشيئته، والقابِضُ سبحانه: هو الذي يمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العِبادِ بلطفه وحِكمته فيُضَيِّقُ الأسباب على قوم ويُوَسِّع على آخرين ابتلاء وامتحانا، فإن شاء وسع وإن شاء قتر فهو الباسط القابض، فإن قبض كان ذلك لما تقتضيه حكمته الباهرة لا لشيء آخر فإن خزائن ملكه لا تفنى ومواد جوده لا تتناهى [2] كما قال تعالى: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} [الحجر:21] فعطاؤه ومنعه تابع لعلمه بعباده وما يصلحهم وما يفسدهم ,ولذا كثيرا ما يقرن ربنا سبحانه بسط الرزق والتضييق بالعلم والخبرة؛ كما قال تعالى: (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الشورى:12]،وقال (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) [الإسراء: 30]

وأخبرنا سبحانه عن وجه الحكمة في عدم بسط الرزق والتضييق الذي يقع على العبد أو على الجماعات أحيانا فقال: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ) [الشورى:27].

وقد ظنت يهود أن منع الله لهم بخلاً منه سبحانه أو فقراً تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً فكذبهم ولعنهم , وتوعدهم بالخزي والعذاب (وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) [المائدة:64]

(لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (182) [آل عمران:181 - 182]

وعطاؤه سبحانه وبسطه لعبده في الأرزاق والأموال , والأولاد من أعظم ما يمتحن به عباده ويبتليهم به وقد ظن بعض المعرضين المكذبين للرسل أن ذلك لكرامتهم على الله , وأنه اصطفاء منه لهم فأخبر سبحانه أن عطاءه ليس الدليل على رضاه {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37) [سبأ:34ـ 37]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير