وقال عنه أيضا: (وقد عرفني بعض أصحابه أنه كان لهُ عكوف على قراءة رسائل إخوان الصفا، وذكر المازري أن الغزالى كان يُعوِّل على ابن سينا الفيلسوف في أكثر ما يشير إليه في علم الفلسفة) ثم تكلم المازري في محاسن الإحياء ومذامه ومنافعه ومضاره بكلام طويل ختمه: (بأن من لم يكن عنده من البسطة في العلم ما يعتصم به من غوائل هذا الكتاب فإن قراءته لا تجوز له …)
[شرح الأصفهانية ص 133 – 134]
د – الإمام ابن العربي المالكي
قال عن شيخه وصاحبه الغزالي: (شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر) وقد حكى ابن العربي عنه من القول بمذاهب الباطنية ما يوجد تصديق ذلك في كُتبه، ورد عليه العُلماء).
[مجموع الفتاوى 4/ 164]
ه – شيخ الإسلام ابن تيمية
قال عنه: (والغزالي في كلامه مادة فلسفية كبيرة بسبب كلام ابن سينا في الشفاء وغيره، ورسائل إخوان الصفا، وكلام أبي حيان التوحيدي، وأما المادة المعتزلية في كلامه فقليلة أو معدومة، وكلامه في الإحياء غالبه جيد، لكن فيه مواد فاسدة: مادة فلسفية، ومادة كلامية، ومادة من تُرَّهات الصوفية، ومادة من الأحاديث الموضوعة …)
[مجموع الفتاوى 6/ 54 – 55]
وقال عن [كتاب الإحياء]: (والإحياء فيه فوائد كثيرة، لكن فيه مواد مذمومة، فإن فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد، فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدواً للمسلين وألبسه ثياب المسلمين، وقد أنكر أئمةُ الدين على أبي حامد هذا في كُتبه، وقالوا: مرَّضه الشفاء يعني شفاء ابن سينا في الفلسفة، وفيه أحاديث وآثار ضعيفة بل موضوعة كثيرة، وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وتُرَّهاتهم …).
[مجموع الفتاوى 10/ 551 - 552]
وقال عنه أيضاً: (في كلامه مادة فلسفية وأمور أُضيفت إليه توافق أصول الفلاسفة الفاسدة المُخالفة للنبوة، بل المُخالفة لصريح العقل، حتى تكلم فيه جماعات من عُلماء خُراسان والعراق والمغرب: كرفيقه أبي إسحاق المرغيناني، وأبي الوفاء بن عقيل، والقشيري، والطرطوشي، وابن رشد، والمازري، وجماعات من الأولين … وذكر منهم الإمام ابن الصلاح والإمام النووي)
[شرح الأصفهانية ص 132] وانظر [مجموع الفتاوى 4/ 66]
وقال عنه في موضع آخر: (يوجد في كلام أبي حامد ونحوه من أصول هؤلاء الفلاسفة الملاحدة الذين يُحرفون كلام الله ورسوله صلىالله عليه وسلم عن مواضعه كما فعلت طائفة القرامطة والباطنية …) [مجموع الفتاوى 10/ 403]
وسبب كلام هؤلاء العلماء في الغزالي وغيره هو: عدم سلوكهم طريقة السلف أهل السنة والجماعة في الإحاطة بسنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وآثار الصحابة رضي الله عنهم.
ولذلك قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأبو حامد لم ينشأ بين من كان يعرف طريقة هؤلاء، ولا تلقَّى عن هذه الطبقة، ولا كان خبيراً بطريقة الصحابة والتابعين، بل كان يقول عن نفسه: (أنا مُزجى البضاعة في الحديث) ولهذا يوجد في كُتبه من الأحاديث الموضوعة والحكايات الموضوعة مالا يَعتمد عليه من لهُ علمٌ بالآثار…)
[شرح الأصفهانية ص 128]
والغزالي رحمه الله في آخر حياته تاب مما كان قد صدر منه مما يُخالف دين الإسلام،كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حينما تكلم عنه فقال:
(وأجود مالهُ من المواد المادة الصوفية ولو سلك فيها مسلك الصوفية وأهل العلم بالآثار النبوية واحترز عن تصوف المتفلسفة الصابئين لحصلَ مطلوبه، ونالَ مقصوده، ولكنه في آخر عُمره سلك هذا السبيل …)
[شرح الأصفهانية ص 146]
ولذلك قال عنه تلميذه أبو الحسن عبدالغافر الفارسي: (وكانت خاتمة أمره إقباله على حديث المصطفى ? ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين البخاري ومسلم اللذين هما حجة الإسلام …)
طبقات الشافعية للسبكي (4/ 111) وسير أعلام النبلاء للذهبي (19/ 325 – 326)
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الغزالي مات وعلى صدره صحيح البخاري [درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 1/ 162]
وذكر عنه أنه كان يقول: (أكثر الناس شكاً عند الموت أهل الكلام)
[مجموع الفتاوى 4/ 28]
وألف كتباً في هذه المرحلة مثل: [إلجام العوام عن علم الكلام] و [وتهافت الفلاسفة] وغيرها.
فإذا كان الغزالي قد اعترف بما آل إليه أمره من الشك والحيرة في آخر حياته، وتاب مما قد صدر منه قبل مماته، فهذا أمرٌ بينه وبين الله تعالى المطلع على سريرته، وأما كتبه التي ألفها وفيها ما حذر العلماء منه فينبغي تركها والتحذير منها وعدم اشتغال الناس بها، كما قال الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح: (أبو حامد كثُر القول فيه ومنه، فأما هذه الكُتب – يعني المخالفة للحق – فلا يُلتفتُ إليها، وأما الرجل فَيُسكت عنه ويفوض أمره إلى الله)
[مجموع الفتاوى 4/ 65].
رحم الله الإمام أبا حامد الغزالي.
¥