تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن المؤمن إذا تقرب إلى ربه بالعمل الصالح امتلأ قلبه بالخير، وازداد طهارة وجاء إلى الله يوم القيامة بقلب سليم طاهر (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:88،89]. فالمؤمن الصادق في إيمانه هو الذي يطهر نفسه عن الشهوات، وماله عن الشبهات، وقلبه عن الغفلات، وجوارحه عن المخالفات بامتثال أوامر ربه، واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه .. فإذا فعل ذلك استنار قلبه وخشع وظهر ذلك على ظاهره وتعدى ذلك لغيره، فيطهر أهله وولده [5].

إن من أعظم أسباب طهارة القلب بعد الإيمان بالله وتوحيده الخالص: كثرة الصلاة، ودوام الذكر، وتذكر الآخرة والعمل لها؛ ولذا قرن الله بينها في قوله تعالى: (قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى) [الأعلى: 16]. وإن أسباب دغل القلب وفساده أن يؤثر الحياة الدنيا على الآخرة ويعيش من أجلها ويوالي عليها وتدور آماله وآلامه عليها.

قال الإمام ابن القيم – يرحمه الله -: " خراب القلب من الأمن والغفلة وعمارته من الخشية والذكر " [6].

وإن من أعظم أسباب تزكية النفس غض البصر وحفظ الفرج كما قال قال الله سبحانه وتعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهم ... ). إن العبد المؤمن بتطهير قلبه وجوارحه وتعظيمه وتقديسه ربه يجد حلاوة الإيمان، قال الله تعالى (فمن اتبع هداي فلايضل ولايشقى ومن أعرض عن ذكري فله معيشة ضنكا) [طه: 123 - 124]، وعندها يجد الحياة الطيبة المحفوفة بعناية الله ورعايته (فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) [النحل:79] وهذا هو النعيم الدنيوي الحقيقي الذي استصغر واجدوه كل نعيم دنيوي مهماعظم بجانبه.

اللهم آت قلوبنا تقواه وزكها أنت خير من زكاها، وطهر جوراحنا، وعافنا من الذنوب والخطايا وباعد بيننا وبينها كما باعدت بين المشرق والمغرب. (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين).

* / كلية الشريعة وأصول الدين - جامعة القصيم - الدراسات العليا

25/ 8/1428

[1] تفسير غريب القرآن، لابن قتيبة ص 8.

[2] ينظر: التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور ص 4375 بتصرف.

[3] رواه مسلم في صحيحه ح 487

[4] رواه أبو داود في سننه ح 1430. والحديث صحيح. ينظر: مشكاة المصابيح ح 1275، وصحيح سنن أبي داود ح 1276.

[5] ينظر: الأسنى في شر ح الأسماء الحسنى وصفاته، للقرطبي ص 215، 216. بتصرف.

[6] الفوائد، لإمام ابن القيم ص 98.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير