تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[البصير جل جلاله (1)]

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[24 - 11 - 07, 05:26 ص]ـ

[البصير جل جلاله (1)]

* بقلم / خالد بن محمد السليم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أكرم خلقه أجمعين وبعد:

ومن أسماء الله الشريفة التي سما الله بها نفسه: "البصير الذي لكمال بصره يرى تفاصيل خلق الذرة الصغيرة وأعضائها ولحمها ودمها ومخها وعروقها ويرى دبيبها على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ويرى ما تحت الأرضين السبع كما يرى ما فوق السموات السبع" [1]

فهو الذي يبصر جميع الموجودات في عالم الغيب والشهادة ويرى الأشياء كلها مهما خفيت أو ظهرت ومهما دقت أو عظمت، وهو سبحانه وتعالى مطلع على خلقه يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد، بل هو بجميعها محيط ولها حافظ ذاكر، فالسر عنده علانية والغيب عنده شهادة، يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويرى نياط عروقها ومجاري القوت في أعضائها، قال ابن القيم:

وهو البصير يرى دبيب النملة السـ ... ـوداء تحت الصخر والصوان

ويرى مجاري القوت في أعضائها ... ويرى عروق بياضها بعيان

ويرى خيانات العيون بلحظها ... ويرى كذاك تقلب الأجفان.

فنؤمن أن لله عز وجل عينان حقيقيتان تليق بذاته سبحانه تصديقا لخبر الله ولا نسأل عن الكيفية لأننا ما رأينا الله، وما رأينا لعينه مثيلا، وهما منزهتان عن العيوب كسائر أوصافه جل في علاه

روى البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي ذكر الدجال فقال: (إِنِّي لأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نبي إِلاَّ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ وَلَكِنِّى أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلهُ نبي لِقَوْمِهِ، تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ وَأَنَّ الله لَيْسَ بِأَعْوَرَ) [2].

والله عز وجل لا يحتجب عن نظره أحد وإن حاول الاختفاء بكل سبيل فهو مكشوف {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [سورة هود:آية 5]

كما أنه ينظر إلى أوليائه نظرا مخصوصا بالتأييد والنصرة والإعانة والتوفيق , قال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام: {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46].

ويذكر ربنا أنه بصير بعباده بعد التهديد ـ أحيانا ـ بقوله {اعملوا ما شئتم} [فصلت:40] لتحذير من أخفى الطغيان بأن الله مطلع على كل عمل يعمله، ولذلك اختير وصف {بصير} من بين بقية الأسماء الحسنى لدلالة مادته على العلم البين ودلالة صيغته على قوته. [3] كما يأتي البصير على معنى أنه عالم بخفيات الأمور. والبصير في كلام العرب العالم بالشيء الخبير به [4]

كما أنه ينظر للمؤمنين في الآخرة نظرة رضا وإكرام، ولا ينظر إلى أقوام تحقيقا لعقوبته، {إِنَّ الذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:77]، وعند البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيِ قَالَ: (ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلمُهُمُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهْوَ كَاذِبٌ، وَرَجُل حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ) فلا يراهم عقوبة لهم كما أن الكافرين محجوبون عن رؤيته، قال تعالى: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15]. [5]

الآثار

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير