تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتعظيم الله تعالى يورث العبد الذل والافتقار بين يديه سبحانه وتعالى، [ويحكى عن بعض العارفين أنه قال: دخلت على الله من أبواب الطاعات كلها فما دخلت من باب إلا رأيت عليه الزحام فلم أتمكن من الدخول حتى جئت باب الذل والافتقار فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه ولا مزاحم فيه ولا معوق فما هو إلا أن وضعت قدمي في عتبته فإذا هو سبحانه قد أخذ بيدي وأدخلني عليه.]

3 - تورث العبد محبة الله جل جلاله: من تأمل أسماء الله وصفاته وتعلق بها طرحه ذلك على باب المحبة،وفتح له من المعارف والعلوم أمورا لا يعبر عنها،وإن من عرف الله أورثه ذلك محبة له سبحانه وتعالى.

وهذه المحبة عاطفة شرعية إيمانية وعبادة قلبية وهي محبة إجلال وتعظيم،ومحبة طاعة وانقياد يبرهن بها العبد على صدق عبوديته لمولاه تعالى. فالمحبة هي ثمرة معرفة أسماء الله وصفاته واعتقاد جماله وكماله وجلاله،والاعتراف بإحسانه وإنعامه.

4 - تورث اليقين والطمأنينة: إن قلب العبد لا يزال يهيم على وجهه في أودية القلق وتعصف به رياح الاضطراب حتى يخالط الإيمان بأسماء الرب تعالى وصفته يشاشة قلبه،فحينئذ يبتهج قلبه ويأنس بقربه من معبوده جل جلاله ويحيى حياة طيبة ويصبح فارغا إلا من ذكر الله تعالى وذكر أسمائه وصفاته ويأتيه من روح اللذة والنعيم السرور وريحان الأمان والطمأنينة والحبور ما يعجز عن ذكره التعبير ويقصر عن بيانه التقرير.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: [وحقيقة الطمأنينة التي تصير بها النفس مطمئنة أن تطمئن في باب معرفة أسمائه وصفاته ونعوت كما له إلى خبره الذي أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله فتتلقاه بالقبول والتسليم والإذعان وانشراح الصدر له وفرح القلب به فإنه معرفة من معرفات الرب سبحانه إلى عبده على لسان رسوله فلا يزل القلب في أعظم القلق والاضطراب في هذا الباب حتى يخالط الإيمان بأسماء الرب تعالى وصفاته وتوحيده وعلوه على عرشه وتكلمه بالوحي بشاشة قلبه فينزل ذلك عليه نزول الماء الزلال على القلب الملتهب بالعطش فيطمئن إليه ويسكن إليه ويفرح به ويلين له قلبه ومفاصله حتى كأنه شاهد الأمر كما أخبرت به الرسل بل يصير ذلك لقلبه بمنزلة رؤية الشمس في الظهيرة لعينه فلو خالفه في ذلك من بين شرق الأرض وغربها لم يلتفت إلى خلافهم وقال إذا استوحش من الغربة: قد كان الصديق الأكبر مطمئنا بالإيمان وحده وجميع أهل الأرض يخالفه وما نقص ذلك من طمأنينة شيئا, فهذا أول درجات الطمأنينة ثم لا يزال يقوى كلما سمع بآية متضمنة لصفة من صفات ربه وهذا أمر لا نهاية له فهذه الطمأنينة أصل أصول الإيمان التي قام عليه بناؤه.

ومن عبد الله بأسمائه وصفاته وتحقق معرفة خالقه جلا وعلا، وعظمه حق التعظيم فإنه ولا شك يصل إلى درجة اليقين،قال الحبر ابن القيم رحمه الله: [فاليقين هو الوقوف على ما قام بالحق من أسمائه وصفاته ونعوت كماله وتوحيده وهذه الثلاثة أشرف علوم الخلائق علم الأمر والنهي وعلم الأسماء والصفات والتوحيد وعلم المعاد واليوم الآخر والله أعلم].

5 - تورث زيادة الإيمان: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [من عرف أسماء الله ومعانيها فآمن بها كان إيمانه أكمل ممن لم يعرف تلك الأسماء بل آمن بها إيمانا مجملا] فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته , ازداد إيمانه , وقوي يقينه. فينبغي للمؤمن: أن يبذل مقدوره ومستطاعه في معرفة الأسماء والصفات.

6 - تورث زيادة في الطاعات البدنية: لما كان القلب للجوارح [كالملك المتصرف في الجنود الذي تصدر كلها عن أمره ويستعملها فيما يشاء فكلها تحت عبوديته وقهره وتكسب منه الاستقامة والزيغ وتتبعه فيما يعقده من العزم أو يلحه]؛ كانت لهذه الثمرات التي يجنيها القلب من توحيد الله بأسمائه وصفاته سريان إلى الجوارح،ولا بدَّ،فكلما [قوي سراج الإيمان في القلب وأضاءت جهاته كلها به وأشرق نوره في أرجائه سرى ذل النور إلى الأعضاء وانبعث إليها فأسرعت الإجابة لداعي الإيمان وانقادت له طائعة مذللة غير متثاقلة ولا كارهة بل تفرح بدعوته حين يدعوها].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير