اقتداءً بالصحابة رضي الله عنهم فقد كانوا يتدافعون الفتيا، لعلمهم بخطر القول على الله بغير علم، فهم يتورعون عنها إيثاراً للسلامة، وخوفاً على القول على الله بغير علم.
42.الحرص عل تزكية النفوس:
فأهل السنة والجماعة أحرص الناس على تزكية أنفسهم بطاعة الله عز وجل، دون إفراط أو تفريط، فهم يهتمون بإصلاح ظواهرهم وبواطنهم، ويتقربون إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فيحرصون على أداء الصلوات المكتوبة،وأداء الزكاة، وصيام شهر رمضان، وحج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا.
كما أنهم يبادرون ويسابقون إلى الأعمال الصالحة، من كثرة الذكر، والنوافل والصدقات، وغيرها من العبادات.
43.العمل على مرضاة الله في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت:
فأفضل العبادات عندهم في وقت الجهاد – الجهاد – وإن آل بهم الأمر على ترك الأذكار والأوراد، وفي حالة اشتداد الحاجة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، القيام بذلك الأمر، وفي حالة قدوم الضيف القيام على إكرامه وخدمته .. وهكذا.
بخلاف غيرهم ممن لا يستطيع الخروج عن النوع الذي ألفه من العبادة، أما أهل السنة فلا يزالون متنقلين بين مراتب العبودية ومنازلها ومقاماتها.
44. وجل القلوب ودمع العين:
فهم أصحاب قلوب حية، وعيون دامعة، تتأثر بالقرآن ومواعظه، لما في قلوبهم من خشية الله وتعظيمه، بخلاف غيرهم من غلاظ الأكباد، وقساة القلوب وبخلاف الذين يتصنعون البكاء كالروافض الذين يعوّدون أبنائهم البكاء في المآتم، فإذا كبروا اعتادوا البكاء متى شاءوا، فبكاؤهم أمر اختياري، وحزنهم حزن مخترع.
هذه مآثر أهل السنة والجماعة، وهذه بعض خصائصهم التي تميزوا بها عن غيرهم، وتلك هي الخصال التي طبقها سلفنا الصالح – رحمهم الله ورضي عنهم – فنالوا الخيرات، وحصلوا على البركات. وليس معنى ذلك أن أهل السنة معصومون؟ لا، بل إن منهجهم هو المعصوم، وجماعتهم هي المعصومة.
أما آحادهم فقد يقع منه الظلم والبغي، والعدوان، وارتكاب المخالفات، فما أجدرنا – معاشر المسلمين – أن نأخذ بمنهج أهل السنة وأن نوطن أنفسنا على ذلك، وما أحرانا – نحن أهل السنة – أن نقوم بالسنة حق القيام، وأن نقتدي بسلفنا الصالح في كل أمورنا، لنرضي ربنا – جل وعلا- ولنعطي صورة مشرقة عن الإيمان الصحيح النقي، ليقبل الناس عليه، ويحرصوا على الدخول فيه، ولئلا نصبح فتنة لغيرنا، فإذا رأوا ما عليه أهل السنة من بعد عن المنهج وعن الفقه قالوا: إذا كان خاصة المؤمنين بهذه المثابة فلا حاجة لنا بهذا الطريق، وبذلك تندرس معالم الحق، وتنطمس أنوار الهدى.
?الآثار الناجمة عن ضعف التمسك بمنهج السلف:
فإن من نتائج تساهل بعض الطوائف والجماعات من المسلمين في متابعتهم لمنهج أهل السنة والجماعة، أنها وقعت في كثير من التجاوزات والأخطاء، تلك الأخطاء العامة والشائعة بين الدعوات والدعاة – على سبيل الإجمال والعموم – ومنها:
1. إهمال جانب التوحيد:
من أعظم وأخطر الأخطاء التي يقع فيه الكثير من الدعوات والدعاة: إهمال جانب التوحيد، أو ضعف الاهتمام به، علماً واعتقاداً وعملاً، وبخاصة توحيد الألوهية والعبادة.
وهذا الجانب من التوحيد له الأهمية من الكتاب والسنة وأصول الدين ودعوة الأنبياء والمصلحين ما يوجب كونه الهدف الأول والغاية الكبرى لأي داعية أو دعوة مهما كانت مبررات قيامها في أي زمان وأي مكان، ولا غرو فإن هذا التوحيد – توحيد الألوهية والعبادة- هو الغاية الأولى من خلق الجن والأنس، قال تعالى"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات:56].
وقد وقع كثير من المسلمين اليوم فيما يناقض هذا التوحيد أو ينقصه ويخل به. فمما يناقضه من أعمال واعتقادات بعض المنتسبين للإسلام: دعاء غير الله، والاستعانة والاستغاثة بغير الله، والذبح والنذر لغير الله، وتصديق الكهان وما يفعلون عند القبور، وعند شيوخ الصوفية، وغير ذلك مما لا يخفى على الدعاة ولا غيرهم.
ومما ينقض التوحيد ويخدشه: شيوع البدع والخرافات كالموالد والتمسح بالقبور والأشخاص والأحجار والأشجار وغيرها، ومن الحلف بغير الله ونحو ذلك.
¥