وكيف يستقيم القول بأنهم موحدون وقد كذبوا الرسول الذي جاءهم من قبل الله المعلوم عندهم بأنه الخالق والمدبر وحاربوه وقاتلوه، قال تعالى (وإن يكذبوك فقد كذب رسل من قبلك) آل عمران، لا يمكن القول بأن ذلك توحيد أو نوع واحد من التوحيد حتى ولو كان مسماه توحيد ربوبية لا توحيد ألوهية،
وآية ذلك أننا لو أعدنا قراءة الآيات والتي هي سند القائلين بتوحيد الربوبية، وسندي أيضا في نفي هذا التوحيد، وهي التي في سورة المؤمنون. سيتبين لنا صحة ما أذهب إليه، قال تعالى بداية من الآية 81 حتى 92 مايلي.
" بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُونَ، قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ، لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ، قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ، قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ، قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ، بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ، عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ "
أولا:- لاحظ نهاية بعض الآيات تعقيبا على سؤالهم حينا وإجابتهم حينا أخرى بقوله تعالى (إن كنتم تعلمون) فبهذا التعقيب اتخذ سبحانه وتعالى من علمهم الحجة عليهم، ولم يقل مثلا جلا وعلا (إن كنتم تؤمنون) لأنه لو قال ذلك لعد ذلك اعترافا بإيمانهم، ولصار القول بالتوحيد - أو قسم منه - حينئذ مقبولا.
ثانيا: بين إنكارهم البعث واعتباره من الأساطير والخرافات، واتخاذهم مع الله تعالى ولد وآلهة أخرى ذكر سبحانه بعض علمهم به، وماذاك إلا تهكما واستهزاءا بهم، حيث يكون حال المقال هو " كيف تعلمون بأني أنا مالك الأرض ومن فيها ورب السماوات السبع ورب العرش العظيم وبيدي ملكوت كل شيء وأجير ولا يجار علي ثم تنكرون البعث بل وتنسبون لي الولد وتتخذون معي آلهة أخرى؟
ثالثا: نفى الله تعالى عنهم نفيا قاطعا التوحيد بأي جزء من أجزائه بقوله تعالى (فتعالى عما يشركون) لأن الشرك ضد التوحيد. وهم الموصوفون أيضا في كتاب الله تعالى بالكافرين، والجاحدين،
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فأن تقسيم التوحيد إلى ربوبية وإلوهية هو تقسيم في ذاته وتفرقة بين اسم الله تعالى
(الرب) وبين اسمه تعالى - العلم - (الله) وهو تقسيم خاطئي وتفرقة غير صائبة، إذ أن المتأمل في كتاب الله تعالى سيتبين له أنه لا فرق في هذا الكتاب بين كلا الاسمين، ومعهما اسمه جلا شأنه (الرحمن) فهذه الأسماء هي أسماء الله تعالى لا فرق بينها وكلها تؤدي إليه جلا وعلا وتعرف به وتدل عليه،
فانظر قوله تعالى في هذه الآيات وهي بعض من كل، وقليل من كثير
(قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون) البقرة 139، (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) آل عمران 43
(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين)
آل عمران 133 (إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم) آل عمران 51
(عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) الأنعام 54 (ذلكم الله ربكم لا اله ألا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل) الأنعام 102 (قل أغير الله ابغي ربا وهو رب كل شيء) (الأنعام 164) (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر) يونس 10
وهذا بعض ما جاء عن اسمه تعالى (الله)
¥