تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وللوصول إلى هذه المعرفة لم يسلك حي سبيل التعلم، فهو لم يكن قد التقى بآسال، بل سلك سبيلاً آخر هو التصوف، وذلك باعتبار أن التصوف هو أسلوب من أساليب المعرفة، أو على حد شرح ومقارنة ر. أوتو R. Otto في كتابه Zur Wesendeutung west – Ostlich Mystik: Vergleich und Unters Cheindung ، حيث يُظهر أن المعرفة الإنسانية في نظر الصوفي ليست مقصورة على معطيات الحواس، كما يقول العقليون فإن هذا في نظر الصوفي تحديد لمدى النشاط الروحي عند الإنسان وتخطيط قاصر لميدان الحياة الروحية، لأن وراء كل هذه المعارف وفوقها نوعاً ثالثاً من المعرفة هو المعرفة الذوقية التي يصح أن نسميها المعرفة الإلهامية. إن العقل وحده يفشل في الوصول إلى الحقيقة المطلقة، إذ المطلق اللامتناهي لا يمكن إدراكه بإرادة لا تعرف المتناهي في الأشياء. والفيلسوف الميتافيزيقي على خطأ – كما يقول كانت – عندما يطبق مقولات العقل الخاضعة لهذا العالم على موضوعات ما بعد الطبيعة التي لا تخضع لهذا العالم، هو فشل ما بعد الطبيعة. ولكن كانت نفسه الذي أغلق باب المعرفة بمسائل ما بعد الطبيعة في وجه العقل النظري، فتح هذا الباب في وجه العقل العملي الذي يعمل عن طريق التجربة والإدراك الذوقي المباشر.

وهكذا سلك حي تلك الحال أو التجربة الروحية الخاصة التي يعيشها الصوفي ويدرك في وضوح تميزها واختلافها عن تجاربه الأخرى. وأداته القلب الذي يمكن أن نسميه مركز الوعي السامي أو الحاسة الكونية التي تختلف اختلافاً جوهرياً عن العقل من أية حاسة من الحواس البدنية.

فالقلب في فلسفة التصوف، رغماً عن اتصاله مع القلب الجسماني المعروف فإنه لا يتكون من لحم ودم، وإنما هو خاص بالعقليات لقدرته على إدراك كنه الأشياء، وإذا أضاءت جوانبه أنوار المعرفة والإيمان كان مصدراً للوحي والإلهام.

من مقال لأنور أبو البندورة " الأبعاد الفلسفية في قصة " حي بن يقظان"

9– القصة فيها إشارة إلى بيان النوع الإنساني من وجه نظر الفلاسفة وخصوصا في الثلث الأول من القصة؛ ففرض ميلاد حي بن يقظان من غير أب ولا أم هو التولد الذاتي الذي أشار إليه أرسطو في كتابه الحيوان ولو بمستوى معين , فقد نقل ابن رشد عن ابن سينا بأنه ممكن أن يتولد الإنسان من تراب كما يتولد الفأر – وإن كان يعتقده – لم يقله موافقة لأهل زمانه.

من مقال إبراهيم عبد الله. مجلة التاريخ العربي (13382)

10 - القصة وإن كان فيها إشارة إلى إثبات ربوبية الله والضرب على ذلك لكن لا يكفي هذا النوع من التوحيد

فقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن صاحب القصة ممن يظن أن غاية التوحيد إثبات هذا النوع فقط من أنواع التوحيد

قال رحمه الله: وهذا الذي هو غاية ما عند هؤلاء من معارف الصوفية إذا تدبره من يعرف ما بعث الله به رسوله وما عليه شيوخ القوم - المؤمنون بالله ورسوله - المتبعون لكتاب والسنة تبين له أن ما ذكره في الكتاب بعد كمال تحقيقه لا يصير به الرجل مسلما فضلا عن أن يكون وليا لله وأولياء الله هم المؤمنون المتقون فإنه غايته هو الفناء في التوحيد الذي وصفه وهو توحيد غلاة الجهمية المتضمن نفي الصفات مع القول بقدم أفلاك وأن الرب موجب بالذات لا فاعل بمشيئتة ولا يعلم بالجزئيات ولو قدر أنه فناء في توحيد الربوبية المتضمن للإقرار بما بعث الله به رسوله من الأسماء والصفات لم يكن هذا التوحيد وحده موجبا لكون الرجل مسلما فضلا عن أن يكون عارفا وليا لله إذ كان هذا التوحيد يقر به المشركون عباد الأصنام فيقرون بأن الله خالق كل شيء وربه ومليكه وإنما يجعل الفناء في هذا التوحيد هو غاية العارفين صوفية هؤلاء الملاحدة كابن طفيل صاحب رسالة حي بن يقظان وأمثاله.

درء التعارض (3

126)

هذه بعض الإيماءات التي جمعتها عن هذه القصة الفلسفية التي انتشرت ولاقت رواجا عند كثير من المفكرين والدارسين , كشفت فيها شيئا – إن شاء الله – من حقيقة مغزاها ورموزها , والله الموفق والهادي للصواب.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير