[دفاعا عن النصارى (مطلوب ترجمته إلى الإجليزية)]
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[05 - 12 - 07, 04:34 م]ـ
الشيخ خالد عبد المنعم
المدير السابق لمعهد الدعاة بالعزيز بالله
أرسل إلينا أحد النصارى هذا التعليق فقال: أنتم تتهموننا نحن – المسيحيين العرب – بالشرك في كل مقالاتكم، ونحن نؤمن بإله واحد ولا نشرك به أحداً، وكون دينكم الإسلامي تحدث عن مجموعة من البشر كانت تعتنق هذا الفكر في زمن الإسلام وكتب عنها القرآن - فلا ذنب لنا في أنكم لا تفهمون هذه الحقيقة، ولكن المسيحيين ليسوا بمشركين كما تظنون.
وتأكيداً لهذا: اقرؤوا القرآن بتمعُّن أكثر؛ تجدوا أن الطائفة النصرانية هي المشركة في بداية الإسلام، ولكن مسيحيي اليوم لا يمتون بصلة لهذه الطائفة، التي أبيدت عن آخرها منذ زمن بعيد.
اقرؤوا التاريخ؛ كي لا تقذفوا الناس بأبشع الاتهامات، وأنتم لا تدرون.
انتهى الخطاب ...
والرد بعون الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأهلا ومرحبا بك، فنحن نرحب بمناقشتك وبالرد على ما عندك من شبهات، ونسأل الله أن يشرح صدرك، وأن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه.
أولاً: تعريف الشرك:
في البداية قلت إننا نتهمكم بالشرك؛ فلنعرف أولاً ما الشرك؟ الشرك في اللغة: هو المقارنة وخلاف الانفراد، ويطلق على المخالطة, والمصاحبة والمشاركة.
والشرك في الاصطلاح: هو اتخاذ الند مع الله تعالى؛ أي: جعل شريك مع الله في التوحيد.
ثانياً: الأدلة على أن اعتقادات النصارى شرك بالله من كتبهم:
وكما تعلم: إن طوائف النصارى الثلاث: الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت، قد أجمعوا على القول بألوهية المسيح عليه السلام، وأنه نزل ليُصلَب تكفيراً لخطيئة آدم عليه السلام.
فالعقيدة التي يعتنقها جميع النصارى -على اختلاف مذاهبهم- هي عقيدة أن الإله واحد في أقانيم ثلاثة: الأب، والابن، والروح القدس، والمسيح هو "الابن"، وهم يضطربون في تفسير الأقانيم: فتارة يقولون أشخاص، وتارة خواص، وتارة صفات، وتارة جواهر، وتارة يجعلون الأقنوم اسما للذات والصفة معاً، ومحصل كلامهم يؤول إلى التمسك بأن عيسى إله؛ ونحن لم نستق تلك المعارف من القرآن وحده – وإن كان كافياً – ولكن من كتب النصارى أنفسهم، ومن الأناجيل وشروحها وكلام علمائهم؛ فكلها طافحة بذلك، والعجيب أنك لم تطَّلِع عليها!
يقول الدكتور بوست في "قاموس الكتاب المقدس": "طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية: الله الأب، والله الابن، والله الروح القدس، فإلى الأب ينتمي الخلق بواسطة الابن، وإلى الابن الفداء، وإلى الروح القدس التطهير".
وجاء في كتاب "سوسنة سليمان" لنوفل بن نعمة الله بن جرجس – النصراني -: "إن عقيدة النصارى التي لا تختلف بالنسبة لها الكنائس، وهي أصل الدستور الذي بينه المجمع النيقاوي، هي الإيمان بإله، واحد: أب واحد، ضابط الكل، خالق السماوات والأرض، كل ما يرى وما لا يرى، وبرب واحد يسوع، الابن الوحيد المولود من الأب قبل الدهور من نور الله، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للأب في الجوهر، ومن أجل خطايانا نزل من السماء، وتجسَّد من الروح القدس، ومن مريم العذراء تأنَّس، وصُلِب عنا على عهد بيلاطس، وتألم وقبِّر، وقام من الأموات في اليوم الثالث - على ما في الكتب - وصعد إلى السماء وجلس على يمين الرب، وسيأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات، ولا فناء لملكه، والإيمان بالروح القدس، الرب المحيي المنبثق من الأب، الذي هو الابن يسجد له، ويمجده، الناطق بالأنبياء".
واختلفت مذاهب النصارى في المسيح؛ أهو ذو طبيعة لاهوتية وطبيعة ناسوتية، أم ذو طبيعة واحدة لاهوتية فقط؟! وهل هو ذو مشيئة واحدة مع اختلاف الطبيعتين؟! وهل هو قديم كالأب؟!
ونظرا لصعوبة تصور الأقانيم الثلاثة في واحد، وصعوبة الجمع بين التوحيد والتثليث؛ فإن علماء النصارى الذين كتبوا عن اللاهوت حاولوا تأجيل النظر العقلي في هذه القضية، التي يرفضها العقل ابتداءً.
قال القس بوطر في رسالة "الأصول والفروع": "قد فهمنا ذلك على قدر طاقة عقولنا، ونرجو أن نفهمه فهماً أكثر جلاءً في المستقبل، حين يكشف لنا الحجاب عن كل ما في السماوات وما في الأرض، وأما في الوقت الحاضر ففي القدر الذي فهمناه كفاية".
¥