تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنما يكون عند الله مؤمنا وكافرا باعتبار الموافاة وما سبق في علم الله أنه يكون عليه وما قبل ذلك لا عبرة به. قالوا: والإيمان الذي يتعقبه الكفر فيموت صاحبه كافرا ليس بإيمان كالصلاة التي يفسدها صاحبها قبل الكمال؛ وكالصيام الذي يفطر صاحبه قبل الغروب وصاحب هذا هو عند الله كافر لعلمه بما يموت عليه وكذلك قالوا في الكفر وهذا المأخذ مأخذ كثير من المتأخرين من الكلابية وغيرهم ممن يريد أن ينصر ما اشتهر عن أهل السنة والحديث من قولهم: أنا مؤمن إن شاء الله؛ ويريد مع ذلك أن الإيمان لا يتفاضل؛ ولا يشك الإنسان في الموجود منه وإنما يشك في المستقبل وانضم إلى ذلك أنهم يقولون: محبة الله ورضاه وسخطه وبغضه قديم. ثم هل ذلك هو الإرادة أم صفات أخر؟ لهم في ذلك " قولان ". وأكثر قدمائهم يقولون: إن الرضى والسخط والغضب ونحو ذلك صفات ليست هي الإرادة كما أن السمع والبصر ليس هو العلم وكذلك الولاية والعداوة. هذه كلها صفات قديمة أزلية عند أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب ومن اتبعه من المتكلمين ومن أتباع المذاهب من الحنبلية والشافعية والمالكية وغيرهم. قالوا: والله يحب في أزله من كان كافرا إذا علم أنه يموت مؤمنا. فالصحابة ما زالوا محبوبين لله وإن كانوا قد عبدوا الأصنام مدة من الدهر وإبليس ما زال الله يبغضه وإن كان لم يكفر بعد. وهذا على أحد القولين لهم فالرضى والسخط يرجع إلى الإرادة والإرادة تطابق العلم. فالمعنى: ما زال الله يريد أن يثيب هؤلاء بعد إيمانهم ويعاقب إبليس بعد كفره. وهذا معنى صحيح. فإن الله يريد أن يخلق كل ما علم أن سيخلقه. وعلى قول من يثبتها صفات أخر يقول: هو أيضا حبه تابع لمن يريد أن يثيبه. فكل من أراد إثابته فهو يحبه وكل من أراد عقوبته فإنه يبغضه وهذا تابع للعلم. وهؤلاء عندهم لا يرضى عن أحد بعد أن كان ساخطا عليه ولا يفرح بتوبة عبد بعد أن تاب عليه بل ما زال يفرح بتوبته. والفرح عندهم إما الإرادة وإما الرضى. والمعنى ما زال يريد إثابته أو يرضى عما يريد إثابته. وكذلك لا يغضب عندهم يوم القيامة دون ما قبله. بل غضبه قديم إما بمعنى الإرادة وإما بمعنى آخر. فهؤلاء يقولون: إذا علم أن الإنسان يموت كافرا لم يزل مريدا لعقوبته فذاك الإيمان الذي كان معه باطل لا فائدة فيه بل وجوده كعدمه. فليس هذا بمؤمن أصلا وإذا علم أنه يموت مؤمنا لم يزل مريدا لإثابته وذاك الكفر الذي فعله وجوده كعدمه. فلم يكن هذا كافرا عندهم أصلا. فهؤلاء يستثنون في الإيمان بناء على هذا المأخذ وكذلك بعض محققيهم يستثنون في الكفر مثل أبي منصور الماتريدي فإن ما ذكروه مطرد فيهما. ولكن جماهير الأئمة على أنه لا يستثنى في الكفر والاستثناء فيه بدعة لم يعرف عن أحد من السلف ولكن هو لازم لهم. والذين فرقوا من هؤلاء قالوا: نستثني في الإيمان رغبة إلى الله في أن يثبتنا عليه إلى الموت والكفر لا يرغب فيه أحد. لكن يقال: إذا كان قولك: مؤمن كقولك: في الجنة. فأنت تقول عن الكافر: هو كافر. ولا تقول: هو في النار إلا معلقا بموته على الكفر فدل على أنه كافر في الحال قطعا. وإن جاز أن يصير مؤمنا كذلك المؤمن. وسواء أخبر عن نفسه أو عن غيره. فلو قيل عن يهودي أو نصراني: هذا كافر قال: إن شاء الله؛ إذا لم يعلم أنه يموت كافرا؛ وعند هؤلاء لا يعلم أحد أحدا مؤمنا إلا إذا علم أنه يموت عليه؛ وهذا القول قاله كثير من أهل الكلام أصحاب ابن كلاب ووافقهم على ذلك كثير منه أتباع الأئمة لكن ليس هذا قول أحد من السلف لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم ولا كان أحد من السلف الذين يستثنون في الإيمان يعللون بهذا لا أحمد ولا من قبله. ومأخذ هذا القول طرده طائفة ممن كانوا في الأصل يستثنون في الإيمان اتباعا للسلف وكانوا قد أخذوا الاستثناء عن السلف وكان أهل الشام شديدين على المرجئة وكان محمد بن يوسف الفريابي صاحب الثوري مرابطا بعسقلان لما كانت معمورة وكانت من خيار ثغور المسلمين ولهذا كان فيها فضائل لفضيلة الرباط في سبيل الله وكانوا يستثنون في الإيمان اتباعا للسلف واستثنوا أيضا في الأعمال الصالحة كقول الرجل: صليت إن شاء الله ونحو ذلك بمعنى القبول لما في ذلك من الآثار عن السلف. ثم صار كثير من هؤلاء بآخرة يستثنون في كل شيء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير