تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التوكل على الله .. حقيقته وفضله، وهل ينافي العمل؟]

ـ[محمد عامر ياسين]ــــــــ[13 - 12 - 07, 12:24 ص]ـ

[التوكل على الله .. حقيقته وفضله، وهل ينافي العمل؟]

منيرة بنت حمود البدراني

إن خير ما تعبَّد العبد به ربه التوحيد، ولا شك أن أول مطلوب من العبد أن يعلم أنه لا إله إلا الله؛ لقوله تعالى:] فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [([1]).

"فلا إله إلا الله" تجمع أصولاً عظيمة، ومقامات عالية، وعبادات لا تصرف إلا له سبحانه سواء كانت من أعمال القلوب أو أعمال الجوارح.

ومن أعمال القلوب التي لا يجوز صرفها لغير الله (التوكل) وهو مصاحب للعبد الصادق من أول قدم يضعها في الطريق إلى ربه إلى نهايتها فكلما ازداد قربه من ربه وقوي سيره ازداد توكله ولابد.

فالتوكل هو موضوع هذا البحث، وقد اخترته بمحض إرادتي، وإلحاح حاجتي، فهو عبادة عظيمة تسيطر على العبد الصادق في جميع أعماله حتى ولو كانت من أمور الدنيا.

ولأني رأيت بعض الناس قد ساءت أحوالهم وتخبطت أفهامهم، فمنهم من ركن إلى الأسباب وادعى التوكل، ومنهم من جانبها وادعى التوكل وقليل من دق فهمه، وسلم حاله، واقتفى أثر النبيين والصديقين في هذه العبادة العظيمة.

ولا شك أني في ذلك عالة على غيري من السابقين، وفضل السلف على الخلف معروف، وما بين أيدينا من أسفارهم العظيمة خير شاهد جعلنا الله خير خلف لخير سلف. آمين.

وقد حاولت الاستقصاء والإجادة ما استطعت، وعلى ذلك فالقصور يبدو جلياً، وهذه جبلة بني آدم، إلى النقص أقرب منهم إلى التمام.

وإني بعون الله وتوفيقه قسمت بحثي إلى المواضيع التالية:

o حقيقة التوكل وأصوله وأقسامه

§ معنى التوكل

§ أصول التوكل

§ أقسام التوكل

o علل التوكل ودرجاته وفضله

§ علل التوكل

§ درجات التوكل

§ فضل التوكل

o العلاقة بين التوكل والأخذ بالأسباب عامة

§ التوكل والعمل بالأسباب عامة

§ حكم التداوي وعلاقته بالتوكل

o وقفة عند حديث: "يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفاً بغير حساب"

o الكي والاكتواء

o الرقية والاسترقاء

o الطيرة، وعلاجها

أولاً: التوكل لغة:

يقال: توكل بالأمر إذا ضمن القيام به، ووكلت أمري إلى فلان: أي ألجأته واعتمدت عليه فيه.

ووكل فلان فلاناً إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته، أو عجز عن القيام بأمر نفسه ([2]) وأصله الوكول ([3]).

ويقال: فلان وكلة تُكلَة، أي عاجز يكل أمره إلى غيره ويتكل عليه وواكلت الدابة إذا أساءت السير.

والوكيل في لغة العرب: هو المسند إليه القيام بأمر من أسند إليه القيام بأمره ([4]).

وفرس واكل يتكل على صاحبه في العدو ويحتاج إلى الضرب ([5]).

قال الأزهري: الوكيل في صفة الله جل وعز: الذي توكل بالقيام بجميع ما خلق ([6]).

ثانياً: حقيقة التوكل:

القيام بالأسباب والاعتماد بالقلب على المسبب واعتقاد أنها بيده إن شاء منعها ([7]) اقتضاءها، وإن شاء جعلها مقتضية لضد أحكامها ([8])، وإن شاء أقام لها موانع وصوارف تعارض اقتضاءها وتدفعه ([9]).

ذكر ابن القيم - رحمه الله -: أن التوكل يجمع أصلين علم القلب وعمله فقال: "التوكل يجمع أصلين: علم القلب وعمله:

أما علمه: فيقينه بكفاية وكيله، وكمال قيامه بما وكله إيه، وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك.

وأما عمله: فسكونه إلى وكيله وطمأنينته إيه، وتفويضه وتسليمه أمره إليه، ورضاه بتصرفه له فوق رضاه بتصرفه هو لنفسه.

فبهذين الأصلين يتحقق التوكل، وهما جماعه، وإن كان التوكل دخل في عمل القلب من علمه، كما قال الإمام أحمد: التوكل عمل القلب ولكن لابد فيه من العلم، وهو إما شرط فيه، وإما جزء من ماهيته.

والمقصود: أن القلب متى كان على الحق كان أعظم لطمأنينته ووثوقه بأن الله وليه وناصره وسكونه إليه" ([10]).

"التوكل على الله نوعان:

أحدهما: توكل عليه في تحصيل حظ العبد من الرزق والعافية وغيرهما.

الثاني: توكل عليه في تحصيل مرضاته.

فأما النوع الأول فغايته المطلوبة وإن لم تكن عبادة لأنها محض حظ العبد، فالتوكل على الله في حصوله عبادة، فهو منشأ لمصلحة دينه ودنياه.

وأما النوع الثاني: فغايته عبادة، وهو في نفسه عبادة، فلا علة فيه بوجه، فإنه استعانة بالله على ما يرضيه، فصاحبه متحقق بإياك نعبد وإياك نستعين" ([11]).

هذه أقسام التوكل على الله، أما التوكل على غير الله فهو قسمان أيضاً:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير