[لمن يكون الولد؟]
ـ[أبو العباس السالمي الأثري]ــــــــ[14 - 12 - 07, 02:31 ص]ـ
[لمن يكون الولد؟]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه؛ وبعد:
إن مما يحرِّقُ القلب ويُدَمِّيه، هو جهل بعض أبناء هذا الدين العظيم، الذي ارتضاه رب العالمين لنا ديناً، فقال تعالى:) وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً (جهلهم بأحكامه ومراد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم منه، فلم يَسْتَضِيئُوا بنوره، ولم يَلْجَؤُوا إلى رُكْنه الوثِيقٍ.
فهم بين غالي وجافي، ومُفْرِط ومُفَرِّط، ومُدْنِيِ ومُبْعِد.
والوسطية التي هي روح ديننا هم منها في مَبْعَدٍ - إلا ما رحم الله - وقليل ما هم.
مما جعل الكثيرين من اللسَّانين العلمانيين - قبَّحَهُم الله - يبحث بمنقاشه عما يظنه شوكة، بعين شريرة ومنظار أسود، فيسلط لسانه، ويسل سيف بنانه؛ ويصوِّبه للطعن في هذا الدين العظيم الشامخ؛ عسى أن يخترق حدوده الحصينة، وهيهات هيهات!!.
ومن المسائل التي انتقدوها وعابوها بحقد دفين وعقل مأفون، مسألة (تعدد الزوجات)، وما ذلك لطيفِ عيبٍ يتطرق لشريعتنا – حاشاها - وإنما لضياع التوسط فيها عند فئام من بني جلدتنا.
فهذا رجلٌ صَلْبٌ يَكِلُّ الحديد عنه - كجلمود صخر -، يتخذ هذه المسألة سلاحاً يشهره في وجه امرأته كلما حادت عن طُرُقِ إرضائه، ولو في الحرام.
وآخر ظَلِيمٌ خَشِيبٌ خَفِشٌ، رديء المنظر والخُلُق، يتخذ هذه المسألة سبيلاً لاحتقار زوجته التي فاقته حسباً أو جمالاً أو مالاً، متوهماً - بظنه المريض- أنها تتعالى عليه، وقد أضّبَّ على حقد في قلبه، فأبى إلا وأن يُرغم أنفها بشبح الزوجة الثانية، وكفى من سوء فعله وقبيح أثره، وضعه نفسه في تحدي مع امرأته -كسيرة الجناح-.
ورجلٌ معدودٌ من أهل الاستقامة، وموسومٌ بالهدي النبوي، ولكنه إذا خَلا غَلا، بِنَفْسٍ رديئةٍ دنيئةٍ، وإذا بَانَ لاَنَ، بِنَفْسٍ طاهرةٍ بعيدةٍ عن الدناءات.
يرائي وينافق، وتعصف به الفتن، وتلاطمه أمواج الفاقة.
فهو لا يجوز له - لا من قريب ولا من بعيد - أن يقترب من هذه المسألة لعجزه، ومع ذلك يَرْكُضُ على غير تَوَقُّفٍ ويخالطها، ويُمَسِّي زوجته ويُصَبِّحُها بمحاضرة محفوفة بقول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو في مَبْعَدٍ، مُمَاذِقٌ بَيِّنُ المِذَاق، خَدَّاعٌ، خِبٌّ، خَدِبٌ، غَاشٌ، مُتَسترٌ بدعوى إحياءِ السُّنن، ولقد ضيَّع ما هو أوجب، حتى باتت جارتُه تكره ما يدعو إليه، فزجَّ بها في دائرة الكفر عياذاً بالله،) قُتِل الخرّاصُون (.
ورجلٌ دُحْسُمانٌ يَتَطَوَّحُ بين دَهالِيز الفقر والمسكنة، لا يمتلك طُحْرُبةً، ومع ذلك يتلمَّس زوجة ثانية، والأُولى باتت طاوية، وتَردَّى صغارها إلى الهاوية.
ورجلٌ دَنِسُ المروءَةِ، يفري على زوجته دَمَامَتَها، وهي وَضِيئةٌ تَبْرق ويَتَلأْلأُ ضَوْءُها، وقد أحاطته بمالها، وصانته في عرضها، واتقت فيه ربها، وهو يُبَصْبُص للنساء، بدعوى التَّعدد، ولو تزوج بألف امرأة ما ذهب حرُّ ولهيبُ قلبِه، حيث أطلق عنان عينيه ترتع في الحرام.
هذا ... ولقد تَنَاوَلَت أيضاً كثيراتٌ من النساء - إلا ما رحم الله - هذه المسألة بعين السخط والإجحاف؛ مع شجب ونكير وإرجاف.
فهذه امرأة أنانية بخيلة، تحيى في غَضارةٍ من العيْش مع زوجها المليِّ التَّقي، ولكن تفشَّى فيها داء الطَّمع، وتأصلت جراثيمه في نفسها المنكوبة، فلم تَدَع سبيلاً يحول بين جارِها وبين التَّعدد إلا وسلكته، بل كلما ذُكرت امرأة أمامه - ولو من المحارم - انتقصتها وعابتها، تخشى أن تتطرق هذه الفكرة إلى خياله فيترجمها، وتتبدد حياتُها – بزعمها -، ونسيت أو تناست قولَ ربها: (إِنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ).
وامرأة جَلَنْفَعَةٌ دنت من القبر، وبعلها ما زال فحلاً، يرغب في التَّعدد عِفَّةً، فصارت حلساً للسواحر، واكتظ بيتها من تعاويذٍ شركيةٍ كفريةٍ، دست بعضها في طعامه وشرابه، وبعضها في لباسه وتحت فراشه، وقد يتزوج - وفي الغالب يتزوج - ويا ويلها!! ... يا ويلها قد اقترب أجلها، وقرُب عَرْضُها على الجبار جل جلاله.
¥