وامرأة مِقْلاتٌ نَزُورٌ، وزوجها يحب الولد، ويرغب في التَّعدد متأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ممتثلاً أمره: (تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة)، وهي نَعَّارَةٌ بالليل والنهار:
قد حباك الله ولداً وبنتاً ...
تهدم بيتاً مستقراً، وتبني آخر مظنوناً ...
تنافسني زوجةٌ صغيرةٌ جميلةٌ بعد أن أضعت شبابي في خدمتك ...
لو أطلَّ عليَّ الموتُ بخنجر فمزقني، أحبُ إليَّ من إطلالك على زوجة ثانية.
ليت الموتَ يُريحُني من ضرةٍ تُبئسُني، وزوجٍ يُهْمِلُني ...
نبأُ وَفَاتِك أحبُّ إليَّ من نبإِ زواجِك ...
إلى أين أتوارى من نظرات صديقاتي، وشماتة أعدائي؟! ...
ثم أين ضحكاتي التي كانت كأغاريد الطيور متى دخلت عليَّ؟! لقد خنقتَها بشناعة فعلتك، وأبدلتَها بدموعٍ كالسواقي ...
أين ملابسي التي كنت أزهو بها أمام مرآتي قبل مجيئك بساعات، ألتمس بها سروراً أُدخله عليك؟ لقد أبليتَها ببشاعة فعلتك، وأبدلتَها بأسباب حزني وانقباضي وبؤسي ...
إن شيئاً بداخلي قد انكسر ...
إن جرحاً في قلبي قد أوغرته ...
لقد ظلمتني وقهرتني وأكربتني ...
مع ديباجة مهلهلة واعتراف منها بدناءة مطلبها، وخسة همتها، ورقة في دينها، (والله غالب على أمره).
وما نظرت يوماً إلى طريدة العادات، طريحة التقاليد، تلك الأرملة التي مات بعلُها، فاختلت أحوالهُا، وجفاها الصديق، وكادت تلقى على الطريق، فإلى أين المصير؟!! والأيام دُوَلٌ ...
وما نظرت يوماً إلى راعية أيتام، قد نازلتها الشدائد من كل صوب، وتمكنت منها، تحاول جاهدة ألاَّ يضيع صغارها، وتناضل من أجل لقمتهم، مع أنها حييَّةٌ مُطْرِقَةٌ لا تكاد تسمع صوتها من شدة حيائها، ولكن حسبها أجر المحاولة وشرف النضال، فلا معين، ولا نصير، لأن شاباً يبحث عن بكرٍ، وثيباً قد احتكرتهُ زوجتُه، فإلى أين المصير؟!! والأيام دُوَلٌ ...
وما نظرت يوماً إلى مطلَّقة قد لفظتها الدُّنيا، وَتَنَكَّرت لها الحياة، فبعد أن عاشت دهراً في مأمنٍ من شبه الرذائل والدنايا، أصبحت ترتجف وتتزلزل من كل كلمة أو نظرة محتملة.
وبعد أن عاشت دهراً غير مكترثة لأي شيء يدور حولها، جلست تنتظر الإحسان في زمنٍ أكل غلاءُ الأسعار شَحْمَ الأبدان، وعَضَّ اللحم بنابه، وشردت الفاقةُ شملها، وزعزعت كيانها، فإلى أين المصير؟!! والأيام دُوَلٌ ...
لقد ضاعت القضية بين الغلاة والجفاة، حتى هاج الغرب الكافر هياج الكلب المسعور، وأثار عاصفة ساخطة غضبى؛ حول ديننا الحنيف والمرأة، فتبعثرت كلماتهم على سفوح قلوبٍ غليظةٍ مريضة من المسلمين، فاحتستها متلذذة، وابتلعتها دون أدنى تردد، حتى صاروا أفراخاً للغرب الكافر في مسلاخ مسلمين.
ويرددون وينعقون صباحَ مساءَ ... المرأة ... المرأة ... المساواة ... العدل ... هو وهي ... البنت مثل الولد ...
غير بقيَّةٍ باقية جعلت كلام ربها، وهدي رسولها صلى الله عليه وسلم أمام أمام، وعلى ذلك عقدوا الخناصر، فلهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته الطاهرات، وصحابته الكرام خير أسوة ... فهم في ثَبَاتٍ من أمرهم وإيمان، غير مبالين بعقبات ترمى في طريقهم، من هنا وهناك فتثنيهم عن مقصودهم، ومهما اشتدت وطأتها، وعظم شأنها، فإنهم ماضون سائرون في نشر الإسلام - دعوة الحق – بأقوالهم وأفعالهم، فما ضرَّ السَّحابَ نَبْحُ الكلاب.
ولقد جادلت امرأةٌ غربيةٌ كافرةٌ رجلاً مسلماً حاذقاً - من هذه البَقِيَّة - في مسألة التَّعدد، فأرعدت وأزبدت بكلمات نابية تدل على تحلُلِها - إذ لا دين يحكمها ويشذبها- ومما قالته: مظلومة مقهورة في دينكم المرأة، فلا عدل ولا مساواة بينها وبين الرجل، فقال لها بِثَبَات المؤمن: وأين مواضع الظلم والقهر؟، قالت -وبئس ما قالت-: يتزوج الرجل بأربع نسوة في دينكم، ولا يحق للمرأة أن تتزوج بأربعة رجال، فأين المساواة والعدل؟ فقال لها: ولمن يكون الولد؟!! فبُهِتَت ... وخَسِئت ذات الانتكاس الفطري.
ألا فليتق اللهَ كلُّ مسلم ومسلمة.
والحكمة الحكمة، وحَجازَيْك حَجازَيْك من الغلو والإجحاف، والإفراط والتفريط.
وحَذَارِ حَذَارِ من أن تكون معول هدم في أيدي أعدائك، فتنبش المكنون، وتصدِّع المصفوف، بقبح فهمك وسوء صنيعك.
والله المستعان، وعليه التُّكلان، وهو بكل جميل كفيل، وهو حسبي ونعم الوكيل.
¥