تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيف تدرس علم التفسير للشيخ الددو]

ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[03 - 03 - 07, 01:00 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته الى يوم الدين أما بعد:

فهذا كلام الشيخ الددو وفقه الله تعالى على طريقة دراسة تفسير كلام الله عز وجل.

قال:

من مدرسة الأثر مثلا تفسير الطبري محمد بن جرير أبو جعفر وهو شيخ المفسرين وإمامهم وهم عالة عليه كما قال ابن تيمية وغيره فذلك كاف في تفسير العصور الأولى، فقد توفي ابن جرير سنة ثلاثمائة وعشر من الهجرة، وتفسيره مغن عن تفسير معاصريه كالإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي الذي توفي سنة ثلاثمائة وسبعة وعشرين وكالإمام أحمد بن شعيب النسائي الذي توفي سنة ثلاثمائة وثلاث من الهجرة وكابن منده وابن ماجة وتفسير أحمد فهذه التفاسير يجد الإنسان لبابها في تفسير ابن جرير الطبري بالروايات

والأسانيد، وإذا زاد عليه في مدرسة التفسير بالأثر فليدرس مثلا كتاب الدر المنثور للسيوطي فقد جمع فيه تفاسير أولئك جميعا ملخصة مع أنه لم يذكر الأسانيد ولم يحكم على الأحاديث، فكثير من الأحاديث التي فيه تحتاج إلى تمحيص وتفحص لأن فيها كثيرا من الموضوعات والضعاف وتحتاج إلى القوة قوة الساعد في طلب الحديث ليميز الإنسان بين الصحيح منها والضعيف، وكذلك تفسير ابن كثير فهو تفسير جليل وقد أتى فيه بالأسانيد حتى لو كان الحديث في الصحيح لأن الصحيحين مثلا يتكرر فيهما الحديث بأسانيد مختلفة

فإذا ذكر هو رواية فيأتي بإسنادها لتعلم أنه ضابط لها كما هي، وابن كثير رحمه الله من أقوياء الناس في الحديث، فتفسيره جيد من هذا القبيل لو خلا من بعض الإسرائيليات القليلة وهذه هي من هنوات الكتب التي لا محيص عنها وقد سبق قريبا الاعتذار عنها، فإذا قرأت فيه مثلا في ذكر الشجرة أنها شجرة كانت تأكل منها الملائكة فهذا من الإسرائيليات فاعذره فالمتس العذر للشيخ في مثل ذلك، ثم في كتب الرأي لا بد أن يقرأ الإنسان في كتاب الكشاف للزمخشري فإنه من أجاويد الكتب في التفسير بالرأي وقد ذكر مؤلفه فيه

أبياته المشهورة: \"فالكتب كالداء والكشاف كالشافي\":

إن التصانيف في الدنيا ذوو عدد** وليس فيها لعمري مثل كشافي

فهذا وإن كان قد يوصف بالمبالغة إلا أن فيه قدرا لا بأس به من الصواب، فهذا الكتاب أصبح أيضا سلالة لكثير من التفاسير تابعة له، فمن الذين يدورون في فلكه من المفسرين أبو السعود والبيضاوي فكلاهما آخذ من الزمخشري في كتاب الكشاف، لكن على مطالعه أن يحذر من أقاويل الفلاسفة والمعتزلة فقد أخفاها في كتابه وقال فيها ابن المنير: إن أقوال المعتزلة والفلاسفة في الكشاف لا تنزع إلا بالمناقيش لصعوبة استخراجها، ولذلك تأتي بوجه غريب جدا، مثلا مذهب المعتزلة نفي الرؤية أن الله سبحانه وتعالى لا يرى في الآخرة نسأل الله السلامة والعافية، وقد ذكر عن الزمخشري أنه قال في تفسير قول الله تعالى: {لَنْ تَرَانِي} في قصة موسى عليه السلام في سورة الأعراف، قال: لن للنفي والتأبيد، وهذا القول ليس في الكشاف في الطبعات المعروفة لدينا، لكن قد يكون في كتابه الأنموذج في النحو، وقد اشتهر نقله عنه ونقله عنه أهل البلاغة جميعا، وقد ذكره السيوطي في عقود الجمان في البلاغة حيث قال:

وقيل للتأبيد لكن تركا** ورده لا ابن خطيب زملكا

فهذا من الأقوال البديعة في إخفائها، فإذا كانت لن للنفي والتأبيد معناه نفي الرؤية مطلقا في الدنيا والآخرة، وإذا نفيت عن موسى كان ذلك نفيا لها عن غيره ممن دونه، لكن هذا غير صحيح فلن للنفي فقط وليست للتأبيد، ليست لتأبيد النفي، ولذلك فإنها تغيى أي تذكر بعدها الغاية كما في قول الله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} فلو كانت للتأبيد لما غييت بغاية، فهذا يدل على أن لن للنفي لا للتأبيد، كذلك لا بد من الدراسة في مدرسة الفقهاء من المفسرين وأجود ذلك كتاب

القرطبي الجامع لأحكام القرآن ثم لا بد كذلك من دراسة تفسير النحويين وأجود ذلك كتاب البحر المحيط لأبي حيان، ولدى المتأخرين مثلا لفتات مهمة في إعراب القرآن كحاشية سليمان الجمل على تفسير الجلالين، وكذلك لا بد من الاطلاع على أقوال أهل البلاغة في التفسير ومن أجود ذلك كتاب التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور التونسي رحمه الله، ثم لا بد كذلك من الكلام في العقائد وما يتعلق بها وأجود ذلك تفسير الشيخ محمد الأمين آب رحمة الله عليه أضواء البيان، وكذلك فإن فيه هذه العلوم الأخرى فقد

عرج على كثير من مسائل الفقه بل أتى فيه بما لم يأت به أحد من المفسرين في بعض المسائل الفقهية، كمنسكه العظيم الذي أتى فيه بأحكام الحج جميعا في جميع المذاهب وأقوالها والترجيح بينها وأدلتها وهذا ما لا تجده في أي كتاب من كتب التفسير، وكذلك المسائل الأصولية الكثيرة التي حلها الشيخ في هذا الكتاب ولم تكن من قبل إلا من المشكلات، وأوابد كثيرة من أوابد العلم أتى بها رحمه الله في كتابه، ومثل ذلك ما يتعلق بالدعوة، فيحتاج الإنسان إلى فهم القرآن أسلوب حياة ومسيطرا على الكون وحاكما عليه وهذا لا يستطيعه الإنسان إلا بدراسة تفسير الدعاة الذين يفهمون الكون هذا الفهم، ومن أجود ذلك كتاب \"في ظلال القرآن\" لسيد قطب رحمه الله، ومثله أيضا

كتاب: الأساس في التفسير لسعيد حوا رحمه الله، فهذه المجموعة إذا درسها الإنسان يكون قد ألم بمختلف مدارس التفسير ويقارن بينها، والأصل في الدراسة أن لا يقرأ الإنسان تفسيرا كاملا من أوله إلى آخره قبل المقارنة، بل عليه أن يدرس مقطعا من القرآن في عدد من التفاسير، حتى يتقن ذلك المقطع ثم يتجاوزه إلى ما بعده، فهذا الذي يندرج به الإنسان في زمرة المفسرين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير