إن الناس بعضهم يكون قاصر الفهم، يحفظ ولا يفهم].
الفائدة 17:
مسألة التعمق في فهم صفات الله، وصفة الشم.
قال – رحمه الله تعالى -:
[ ... من ذلك ما يتعلق بصفات الله عز وجل، فإن هذا معرك ضنك، وباب ضيق، وكثير من الطلبة اليوم يريدون أن يوسعوا هذا الباب، وأنى لهم ذلك، اللهم إلا بكسره، والكسر معناه الهدم والدمار، فبعضهم يتعمق في البحث عن صفات الله عز وجل، ويثبت ما ليس بلازم، مثلا: يقول لك: إن خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك، فهل يلزم من ذلك أن الله يشم؟! وهل يلزم إذا كان يشم أن يكون له أنف؟ لأن الأنف أداة الشم، وكما ثبت في الحديث أن لله أصابع، فيقول: كم عدد أصابع الله عشرة أو عشرون أقل أو أكثر؟! وكل هذا من التنطع المحرم، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: " هلك المتنطعون "، قال ذلك تحذيرا من التنطع، لأن الصحابة أصفى منا قلوبا، وأغزر منا علوما، وأقوى منا فهوما، وأشد منا حرصا، لم يسألوا الرسول - صلى الله عليه وسلم – عن مثل هذا إطلاقا، ولما قال صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا يمل حتى تملوا "، ما قالوا: يا رسول الله: هل الله يمل؟! وأي إنسان يقول: إنهم قالوا: هل الله يمل، نقول له: هات الدليل؛ بل سكتوا وعرفوا المراد، وهكذا يجب علينا يا إخواننا في هذه المسألة الضيقة الضنك ألا نحاول التعمق في البحث عن صفات الله عز وجل، ما جاءنا قبلناه وكفى بنا فخرا، وما لم يجئ إلينا سكتنا عنه.
هذا هو الأدب مع الله ورسوله.
والله الموفق].
الفائدة 18:
هل يجوز أن نسمي ملك الموت بعزرائيل؟
قال – رحمه الله تعالى -:
[ .. ورد في بعض الإسرائيليات أن اسمه عزرائيل، وليس كذلك، ولهذا لا يحل لنا أن نسميه عزرائيل لعدم ثبوت ذلك عن الله تعالى، أو رسوله عليه السلام، بل نقول كما قال ربنا عز وجل: {ملك الموت}].
الفائدة 19:
كلمة رائقة مهمة للدعاة: ينبغي للداعية أن يدعو إلى الله لله لا لنفسه!
قال – رحمه الله تعالى -:
[ .. وهنا نقرر أنه يجب على الداعية أن يشهر نفسه بأنه يدعو إلى الله لا إلى فرض السيطرة أو إتمام الكلمة أو إبراد الغيرة، لأن هذا خطأ، أي وسيلة يحصل بها المقصود، ولو فيها غضاضة عليك فاعملها، حتى لو شاهدت الرجل يفعل المنكر أمامك، لكن ترجو أن يصلح فاصبر، لأن المقصود ليس أن تطفئ حرارة الغيرة، أو أن تنتقم لنفسك، بل المقصود إصلاح هذا الرجل ودعوته إلى دين الله عز وجل.
لا تكن ممن يدعو لنفسه، بل كن ممن يدعو إلى ربه بالحكمة والموعظة الحسنة؛ حتى لو أفضى الحال أن تضحك في وجه هذا الفاسق من أجل إدخال السرور عليه واستعداده لقبول ما تقول، فافعل فإنه لا يضر؛
لقد تنازل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن حق كبير كبير رجاء الإصلاح، وذلك في غزوة الحديبية، حصل من جملة الشروط الثقيلة أن يرد هذا الذي جاء معتمرا إلى بيت الله عز وجل، بينما لو جاء أعرابي من أخبث الناس شركا ليدخل يعتمر، فلا يُرد.
هذه غضاضة عظيمة، والتزم عليه الصلاة والسلام بأن لا يكتب بسم الله الرحمن الرحيم، أملى على الكاتب اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، قال: ما نعرف الرحمن، اكتب باسمك اللهم، مع أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو الرحمن؛ ولما قال: هذا ما قضى عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، قال: لا تكتب: رسول الله!، لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، ولا صددناك، قال: اكتب: محمد بن عبد الله، فكتب؛ ولكنه قال: " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني "، حتى لا يفهم فاهم زوال وصف الرسالة له، فتنازل الرسول – صلى الله عليه وسلم - عن:
1 - الصد.
2 - منع كتابة الرحمن.
3 - منع كتابة رسول الله.
4 - من جاء منهم مسلما وجب أن يرده إليهم، ومن ذهب منا إليهم لا يرد!.
هذا من أثقل ما يكون، ومع ذلك قبل الرسول – عليه الصلاة والسلام -، لأنهم أبوا أن يجروا الصلح إلا على هذا، فما قدموا تنازلا وكانوا معاندين، وقد أقسم عليه الصلاة والسلام – حين بركت الناقة ألا يسألوا خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أجابهم، ومن ثم فعل عمر ما فعل نحو هذا الشرط، على كل حال المقصود هو أن الإنسان ينبغي له أن يدعو إلى الله لله لا لنفسه].
¥