وأيضا لو كان آدم فعل ذلك – وحاشاه منه – لكان شركا، والشرك أعظم من الكبائر فضلا عن الصغائر، ولو كان كذلك لاحتج به آدم أكثر مما يحتج بأكله من الشجرة، وأظن أنا ذكرناها في " شرح كتاب التوحيد " وذكرنا حوالي ثمانية أوجه تدل على بطلانها].
الفائدة 47:
هل الصراط طريق حسن واضح، أو أنه أدق من الشعرة، وأحد من السيف؟
قال – رحمه الله تعالى -:
[في هذا خلاف بين علماء أهل السنة، منهم من قال بالثاني، ومنهم من قال بالأول، وليس هناك أدلة واضحة تفصل بين القولين، فمعتقدنا في ذلك أن نقول: الله أعلم، لكن نؤمن بهذا الصراط].
الفائدة 48:
عصاة الموحدين هل يدخلون نار الكافرين،أو في نار أخرى؟
قال – رحمه الله تعالى -:
[ .. في هذا قولان للسلف:
منهم من قال: إنه يكردس في نار جهنم التي هي نار الكافرين، لكن أعضاء السجود لا تأكلها النار، لأن الله تعالى حرم على النار أن تأكل أعضاء السجود، يعني: الجبهة والكفين والركبتين وظهر القدمين، لكن بعض العلماء يقولون: إنها نار ليست كالنار الأم، وهي النار التي تفنى، أما النار التي هي النار الأم فلا تفنى، وهذا ظاهر كلام ابن القيم – رحمه الله تعالى – في " الوابل الصيب "، أن النار التي تفنى هي نار المعذبين بذنوبهم فقط، لا نار الكافرين، فنار الكافرين لا تفنى، وأشد مرارة، هذا قول بعض العلماء.
والقول الثاني: أن هؤلاء الذين يكردسون في النار عند مرورهم على الصراط يكردسون في نار جهنم، لكن الله على كل شيء قدير، يمكن أن تكون نار جهنم لهؤلاء بردا وسلاما، ولهؤلاء شديدة الحرارة، إنما نحن نؤمن بأن هذا الصراط على جهنم، وأن الناس يعبرون عليه، وأن منهم من يكردس ويلقى في النار، وظاهر النص أنها النار التي للكافرين، لكن من الجائز أن تكون سلاما وبردا على غير الكافرين، والله على كل شيء قدير].
الفائدة 49:
شهيد، شيخ، إمام، ألقاب صارت رخيصة!!
قال – رحمه الله تعالى -:
[ .. كل من مات في سبيل الله تعالى فهو شهيد، لكن لا تقل: فلان شهيد، لأنه قد يكون في قلبه أنه يدافع عن حمية، أو عصبية، وما أشبه ذلك.
لكن مع الأسف الشديد، إن كلمة شهيد اليوم صارت رخيصة، كما صارت كلمة شيخ، فالآن كلمة شيخ رخيصة، يعني يقال للإنسان الذي لا يعرف كوعه من كرسوعه يقال له: شيخ.
وتجده يجلس في مجلس كله عوام، ثم يقوم يتكلم بكلام فصيح بين، وعن شجاعة، فيقولون: هذا عالم، لا نظير له، فيكون عندهم شيخ الشيوخ.
وكذلك أيضا سهلت كلمة إمام، الآن لو صنف الإنسان كتابا مختصرا من أبسط ما يكون، قالوا: هذا إمام!!، سبحان الله تعالى! الإمام لابد أن يكون عالما كبيرا متبوعا، وليس كل إنسان يؤلف يسمى إماما، ولهذا لما اختلفت المفاهيم هنا، صارت الألقاب تشوش، فعندما تقرأ كتابا صغيرا لأحد المؤلفين، وتقول: قال الإمام فلان ابن فلان! ماذا يظن السامع؟، يظن أنه إمام من أكابر العلماء، وهذا لا يجوز، أن نصف الإنسان بما لا يستحق، لأن هذا فيه شيء من الكذب.
كذلك أصبح يقال لمن قتل نفسه: إنه شهيد!، والذين يضعون المتفجرات في بطونهم، ويموتون بها!، يقال عند بعض الناس: إنه شهيد، ونحن نقول: إنه يعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم، لكننا ما نعيِّنُه، ونبرأ إلى الله تعالى من هذا، لكن نقول: كل إنسان قتل نفسه، فإنه يعذب بما قتل به نفسه في جهنم؛ أما الرجل الذي قد يفعل ذلك متأولا ظانا أن هذا الحق، فهذا لا يعذبه الله عز وجل.
أرأيت أسامة بن زيد – رضي الله عنه – قتل مشركا بعد أن أدركه هاربا، فقال المشرك: لا إله إلا الله، فقتله أسامة متأولا، يظن أنه قالها تعوذا من القتل، وخوفا منه، فلو وقع لنا مثل هذا، لكنا نظن كما ظن أسامة!، ولكن الرسول – صلى الله عليه وسلم – وبخه، وقال له – وجعل يكررها -: " قتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله "، حتى قال أسامة: تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ!، حتى يكون هذا الذنب مما يغفر لي بالإسلام.
إذن الشهادة أمر مهم خطير جدا، فإذا فعل الإنسان فعل مؤمن تقي، تقول: أحسبه كذلك، والله حسيبه، وأرجو له التوفيق، وأرجو له الجنة، وأرجو له الثواب، حتى تسلم والحمد لله؛
¥