[خلاصة المستفيد من القول المفيد. الشيخ العلامة ابن عثيمين.]
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[26 - 12 - 07, 04:10 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل المرسلين، أما بعد:
قمت بتدريس إخواني الكرام بعد صلاة الفجر في مكتبة مسجدي الذي أؤم فيه: " القول المفيد على كتاب التوحيد "، للشيخ العلامة ابن عثيمين – قدس الله روحه، وأسكنه الله تعالى الفردوس الأعلى – فكنت إذا مرت بنا الفائدة دونتها على غلاف الكتاب، حتى تجمعت عندي عشرات الفوائد، فقيدتها لإخواني، لعل الله تبارك وتعالى يتقبلها مني، وليستفيد إخواني طلبة العلم من علم هذا العلم، والبحر الخضم، فأسأل الله تعالى أن يدخرها لي في {يوم لا ينفع فيه مال وبنون إلا من أتى الله بقلب سليم}.
وكنت قد رقمت منها مجموعة، سأعجل بها من باب المبادرة إلى الخير، وما بقي أسطره تباعا، وقد سميت هذه الفوائد:
[خلاصة المستفيد من القول المفيد شرح كتاب التوحيد].
وإلى المقصود:
الفائدة الأولى:
في باب: من الشرك الاستعاذة بغير الله:
قال – رحمه الله تعالى -:
[قوله: {برجال من الجن}، يستفاد منه أن للجن رجالاً، ولهم إناث، وربما يجامع الرجل من الجن الأنثى من بني آدم، وكذلك العكس الرجل من بني آدم قد يجامع الأنثى من الجن، وقد ذكر الفقهاء الخلاف في وجوب الغسل بهذا الإجماع.
والفقهاء يقولون في باب الغسل، لو قالت: إن بها جنياً يجامعها كالرجل، وجب عليها الغسل، وأما أن الرجل يجامع الأنثى من الجن، فقد قيل ذلك، لكن لم أره في كلام أهل العلم، وإنما أساطير تقال، والله أعلم.
لكن علينا أن نصدق بوجودهم، وأنهم مكلفون، وبأن منهم الصالحين ومنهم دون ذلك، وبأن منهم المسلمين والقاسطين، وبأن منهم رجالاً ونساء].
الفائدة الثانية:
في باب: من الشرك الاستعاذة بغير الله. في حديث " خولة بنت حكيم " [من نزل منزلا .. ]
قال – رحمه الله تعالى -:
قوله: "لم يضره شيء"، نكرة في سياق النفي، فتفيد العموم من شر كل ذي شر من الجن والإنس وغيرهم والظاهر الخفي حتى يرتحل من منزله، لأن هذا خبر لا يمكن أن يتخلف مُخْبَرُه، لأنه كلام الصادق المصدوق، لكن إن تخلف، فهو لوجود مانع لا لقصور السبب أو تخلف الخبر.
ونظير ذلك كل ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأسباب الشرعية إذا فعلت ولم يحصل المسبب، فليس ذلك لخلل في السبب، ولكن لوجود مانع، مثل: قراءة الفاتحة على المرضى شفاء، ويقرأها بعض الناس ولا يشفى المريض، وليس ذلك قصوراً في السبب، بل لوجود مانع بين السبب وأثره.
ومنه: التسمية عند الجماع، فإنها تمنع ضرر الشيطان للولد، وقد توجد التسمية ويضر الشيطان الولد لوجود مانع يمنع من حصول أثر هذا السبب، فعليك أن تفتش ما هو المانع حتى تزيله فيحصل لك أثر السبب.
قال القرطبي: وقد جربت ذلك، حتى إني نسيت ذات يوم، فدخلت منزلي ولم أقل ذلك، فلدغتني عقرب].
الفائدة الثالثة: هل الاستعاذة بغير الله شرك على الإطلاق؟
في باب: من الشرك الاستعاذة بغير الله.
قال – رحمه الله تعالى -:
[أما الاستعاذة بالمخلوق، ففيها تفصيل، فإن كان المخلوق لا يقدر عليه، فهي من الشرك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا يجوز الاستعاذة بالمخلوق عند أحد من الأئمة"، وهذا ليس على إطلاقه، بل مرادهم مما لا يقدر عليه إلا الله، لأنه لا يعصمك من الشر الذي لا يقدر عليه إلا الله، سوى الله.
ومن ذلك أيضاً الاستعاذة بأصحاب القبور، فإنهم لا ينفعون ولا يضرون، فالاستعاذة بهم شرك أكبر، سواء كان عند قبورهم أم بعيداً عنهم.
أما الاستعاذة بمخلوق فيما يقدر عليه، فهي جائزة، وقد أشار إلى ذلك الشارح الشيخ سليمان في "تيسير العزيز الحميد"، وهو مقتضى الأحاديث الواردة في "صحيح مسلم" لما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الفتن، قال: "فمن وجد من ذلك ملجأ، فليعذ به".
وكذلك قصة المرأة التي عاذت بأم سلمة، والغلام الذي عاذ بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك في قصة الذين يستعيذون بالحرم والكعبة، وما أشبه ذلك.
وهذا هو مقتضى النظر، فإذا اعترضني قطاع طريق، فعذت بإنسان يستطيع أن يخلصني منهم، فلا شيء فيه.
¥