الفائدة التاسعة عشرة: معنى قوله في الحديث " كأنه سلسلة على صفوان ".
في باب قول الله تعالى:
{حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 23]
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، ينفذهم ذلك، {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 23].
قال – رحمه الله تعالى -:
[وليس المراد تشبيه صوت الله تعالى بهذا، لأن الله {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11]، بل المراد تشبيه ما يحصل لهم من الفزع عندما يسمعون كلامه بفزع من يسمع سلسلة على صفوان].
قلت (علي): وذكر بعض شراح كتاب " التوحيد " أن الضمير في قوله " كأنه .... " يحتمل أن يعود على:
1 - صوت الرب، فتكون الكاف للتشبيه.
2 - ضرب الملائكة، فيكون صوت ضرب الملائكة أجنحتها مثل صوت السلسلة.
3 - الفزع الذي يحصل في قلوب الملائكة، مثل الفزع الذي يحصل حين جر السلسلة على حصاة ملساء.
4 - السماع، أي كأن السماع، فيكون تشبيها للسماع بالسماع.
أما المعنى الأول فهو مشكل، لأن الله تعالى {{ليس كمثله شيء .. } فصوت الله تعالى لا يشبه صوت المخلوقين.
وأما المعنى الثاني والثالث فمحتمل، لأن الضمير – عادة – يعود إلى أقرب مذكور.
وهذا الثالث اختاره الشيخ ابن عثيمين هنا.
وممن اختار المعنى الرابع العلامة حافظ الحكمي:
قال العلامة الشيخ حافظ الحكمي – رحمه الله تعالى -: [ .... وهذا تشبيه للسماع بالسماع، لا للمسموع بالمسموع، تعالى الله أن يشبهه في ذاته أو صفاته شيء من خلقه، وتنزه النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحمل شيء من كلامه على التشبيه وهو أعلم الخلق بالله عز وجل]." أعلام السنة المنشورة ".
وهذا القول يعضده ما جاء في سنن أبي داود:
[إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل حتى إذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم قال فيقولون يا جبريل ماذا قال ربك فيقول الحق فيقولون الحق الحق].
يتبع .....
ـ[أبو عاصم المغربي]ــــــــ[26 - 12 - 07, 04:20 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا علي ورحم الله الشيخ العلامة محمد ابن عثيمن ...
موضوع مفيد ونافع ...
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[27 - 12 - 07, 06:58 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا علي ورحم الله الشيخ العلامة محمد ابن عثيمن ...
موضوع مفيد ونافع ...
وإياكم أخي المكرم.
ـ[حسن البركاتي]ــــــــ[28 - 12 - 07, 09:17 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[29 - 12 - 07, 10:47 ص]ـ
الفائدة العشرون: من هو الكاهن؟ التفصيل فيه، وبيان غلط بعض الطلبة في حدّه.
في باب قول الله تعالى:
{حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 23]
قال – رحمه الله تعالى -:
[والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل.
وقد التبس على بعض طلبة العلم، فظنوا أنه كل من يخبر عن الغيب ولو فيما مضى، فهو كاهن، لكن ما مضى مما يقع في الأرض ليس غيباً مطلقاً، بل هو غيب نسبي، مثل ما يقع في المسجد يعد غيباً بالنسبة لمن في الشارع، وليس غيباً بالنسبة لمن في المسجد.
وقد يتصل الإنسان بجني، فيخبره عما حدث في الأرض ولو كان بعيداً، فيستخدم الجن، لكن ليس على وجه محرم، فلا يسمى كاهناً، لأن الكاهن من خيبر عن المغيبات في المستقبل.
وقيل: الذي يخبر عما في الضمير، وهو نوع من الكهانة في الواقع، إذا لم يستند إلى فراسة ثاقبة، أما إذا كان يخبر عما في الضمير استناداً إلى فراسة، فإنه ليس من الكهانة في شيء، لأن بعض الناس قد يفهم ما في الإنسان اعتماداً على أسارير وجهه ولمحاته، وإن كان لا يعلمه على وجه التفصيل، لكن يعلمه على سبيل الإجمال.
فمن يخبر عما وقع في الأرض ليس من الكهان، ولكن ينظر في حاله، فإذا كان غير موثوق في دينه، فإننا لا نصدقه، لأن الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} [الحجرات: 6].
¥