[قوله: "من قلبه"، لأن المدار على القلب، وهو ليس معنى من المعاني، بل هو مضغة في صدور الناس، قال الله تعالى: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} [الحج: 46]، وقال تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله".
وبهذا يبطل قول من قال: إن العقل في الدماغ، ولا ينكر أن للدماغ تأثيراً في الفهم والعقل، لكن العقل في القلب، ولهذا قال الإمام أحمد: "العقل في القلب، وله اتصال في الدماغ"].
الفائدة الحادية والثلاثون: إشكال في قوله تعالى {إنك لا تهدي من أحببت}. كيف يحب مشركا؟!!
في باب: إنك لا تهدي من أحببت.
قال – رحمه الله تعالى -:
[وقوله: {إنك لا تهدي من أحببت} ظاهره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أبا طالب، فكيف يؤول ذلك؟
والجواب: إما أن يقال: إنه على تقدير أن المفعول محذوف، والتقدير: من أحببت هدايته لا من أحببته هو.
أو يقال: إنه أحب عمه محبة طبيعية كمحبة الابن أباه ولو كان كافراً.
أو يقال: إن ذلك قبل النهي عن محبة المشركين.
والأول أقرب، أي: من أحببت هدايته لا عينه، وهذا عام لأبي طالب وغيره.
ويجوز أن يحبه محبة قرابة، لا ينافي هذه المحبة الشرعية، وقد أحب أن يهتدي هذا الإنسان، وإن كنت أبغضه شخصياً لكفره، ولكن لأني أحب أن الناس يسلكون دين الله].
الفائدة الثانية والثلاثون: معنى ما ينبغي، وما كان في الكتاب والسنة.
في باب: إنك لا تهدي من أحببت.
قال – رحمه الله تعالى -:
[واعلم أن ما كان أو ما ينبغي أو لا ينبغي ونحوها إذا جاءت في القرآن والحديث، فالمراد أن ذلك ممتنع غاية الامتناع، كقوله تعالى: {ما كان لله أن يتخذ من ولد} [مريم: 35]، وقوله: {وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً} [مريم: 92]، وقوله: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر} [يس: 40]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام"].
الفائدة الثالثة والثلاثون: كل فعل يضاف إلى مشيئة الله فهو مقرون بالحكمة.
في باب: إنك لا تهدي من أحببت. في حديث الصحيح: " يا عم، قل: لا إله إلا الله .... " ... وأنزل الله في أبي طالب: {إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء}.
قال – رحمه الله تعالى -:
[قوله: {ولكن الله يهدي من يشاء}، أي يهدي هداية التوفيق من يشاء. واعلم أن كل فعل يضاف إلى مشيئة الله تعالى، فهو مقرون بالحكمة، أي: من اقتضت حكمته أن يهديه فإنه يهتدي، ومن اقتضت حكمته أن يضله أضله].
الفائدة الرابعة والثلاثون: هذا الحديث يقطع وسائل الشرك بالرسول وغيره.
في باب: إنك لا تهدي من أحببت. في حديث الصحيح عن ابن المسيب، عن أبيه، قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهلٍ، فقال له: "يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله".
فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟، فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادا!.
فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله!!
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ".
فأنزل الله عز وجل: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} [التوبة: 113]. وأنزل الله في أبي طالب: {إنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء}
.
قال - رحمه الله تعالى –
[وهذا الحديث يقطع وسائل الشرك بالرسول وغيره، فالذين يلجئون إليه - صلى الله عليه وسلم - ويستنجدون به مشركون، فلا ينفعهم ذلك لأنه لم يؤذن له أن يستغفر لعمه، مع أنه قد قام معه قياماً عظيماً، ناصره وآزره في دعوته، فكيف بغيره ممن يشركون بالله؟!].
له صلة ...
ـ[فيصل]ــــــــ[06 - 01 - 08, 12:17 م]ـ
بارك الله فيك على هذه الفوائد القيمة ورحم الله الشيخ ابن عثيمين
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[10 - 05 - 08, 06:02 ص]ـ
بارك الله فيك على هذه الفوائد القيمة ورحم الله الشيخ ابن عثيمين
وبكم بارك، وأرجو أن تعذرني على تأخر ردي عليك، لأني - والله - ما رأيت تعليقك إلا الساعة.
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[10 - 05 - 08, 07:44 ص]ـ
جَزَاكُمُ اللهُ خيرًا يا شيخَنَا و بَاركَ فِيكُم
لا تحرِمُونَا مِنْ فَوائدِكُم
ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[10 - 05 - 08, 07:55 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على تلك الفوائد، ولعلك تجمعها بعد الانتهاء منها كلها في ملف نصي واحد بصيغة "الورد word".
ـ[حفيدة خديجة]ــــــــ[10 - 05 - 08, 11:15 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على تلك الفوائد، ولعلك تجمعها بعد الانتهاء منها كلها في ملف نصي واحد بصيغة "الورد word".
شكر الله سعيكم
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[10 - 05 - 08, 08:35 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا، وشكر الله تشجيعكم، وأحسن إليكم.
وأنا إن شاء الله تعالى إذا انتهيت من كتابة الفوائد - لأن الفوائد كثيرة والحمد لله - حينئذ سأنزل الوورد الذي أضع فيه الفوائد مرفقا إن شاء الله تعالى.
¥