تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويحتمل أن النهي عام، فيشمل ما يشابه غلو النصارى في عيسى بن مريم وما دونه، ويكون قوله: "كما أطرت" لمطلق التشبيه لا للتشبيه المطلق، لأن إطراء النصارى عيسى بن مريم سببه الغلو في هذا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -، حيث جعلوه ابناً لله وثالث ثلاثة!!، والدليل على أن المراد هذا قوله: "إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله"] اهـ.

الفائدة الرابعة والأربعون والخامسة والأربعون والسادسة والأربعون: الحقوق ثلاثة أقسام؛ التسبيح من حقوق الله الخاصة؛ القول بأن الحجرة التي دُفن فيها النبي – صلى الله عليه وسلم – أفضل من الكعبة والعرش والجنة خطأ عظيم.

في باب: ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين.

قال – رحمه الله تعالى -:

[واعلم أن الحقوق ثلاثة أقسام، وهي:

الأول: حق لله لا يُشْرك فيه غيره: لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وهو ما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

الثاني: حق خاص للرسل، وهو إعانتهم وتوقيرهم وتبجيلهم بما يستحقون.

الثالث: حق مشترك، وهو الإيمان بالله ورسله، وهذه الحقوق موجودة في الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: {لتؤمنوا بالله ورسوله}، فهذا حق مشترك، {وتعزروه وتوقروه} هذا خاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، {وتسبحوه بكرة وأصيلاً} [الفتح: 9] هذا خاص بالله - سبحانه وتعالى -.

والذين يغلون في الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجعلون حق الله له، فيقولون: {وتسبحوه}، أي: الرسول، فيسبحون الرسول كما يسبحون الله، ولا شك أنه شرك، لأن التسبيح من حقوق الله الخاصة به، بخلاف الإيمان، فهو من الحقوق المشتركة بين الله ورسوله.

ونهى عن الإطراء في قوله عليه الصلاة والسلام: "كما أطرت النصارى عيسى بن مريم"، لأن الإطراء والغلو يؤدي إلى عبادته كما هو الواقع الآن، فيوجد عند قبره في المدينة من يسأله، فيقول: يا رسول الله! المدد، المدد، يا رسول الله! أغثنا، يا رسول الله! بلادنا يابسة، وهكذا، ورأيت بعيني رجلاً يدعو الله تحت ميزاب الكعبة مولياً ظهره البيت مستقبلاً المدينة، لأن استقبال القبر عنده أشرف من استقبال الكعبة والعياذ بالله.

ويقول بعض المغالين: الكعبة أفضل من الحجرة، فأما والنبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، فلا والله، ولا الكعبة، ولا العرش وحملته، ولا الجنة.

فهو يريد أن يفضل الحجرة على الكعبة وعلى العرش وحملته وعلى الجنة، وهذه مبالغة لا يرضاها النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا ولا لنفسه.

وصحيح أن جسده - صلى الله عليه وسلم - أفضل، ولكن كونه يقول: إن الحجرة أفضل من الكعبة والعرش والجنة، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – فيها، هذا خطأ عظيم، نسأل الله السلامة من ذلك] اهـ.

الفائدة السابعة والأربعون: تعريف الغلو.

في باب: ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين.

قال –رحمه الله تعالى -:

[والغلو كما سبق: هو مجاوزة الحد مدحاً أو ذماً، وقد يشمل ما هو أكثر من ذلك أيضاً، فيقال: مجاوزة الحد في الثناء وفي التعبد وفي العمل، لأن هذا الحديث ورد في رمي الجمرات، حيث روى ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العقبة وهو على ناقته: "القط لي حصى. فلقطت له سبع حصيات هن حصى الخذف، فجعل ينفضهن في كفه، ويقول: أمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين". هذا لفظ ابن ماجه] اهـ.

الفائدة الثامنة والأربعون: الحصر في قوله صلى الله عليه وسلم ((إنما أهلك من كان قبلكم)) حصر إضافي لا حقيقي.

في باب: ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين.

قال – رحمه الله تعالى -:

[وهل الحصر في قوله: "فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو" حقيقي أو إضافي؟

الجواب:

إن قيل: إنه حقيقي، حصل إشكال، وهو أن هناك أحاديث أضاف النبي - صلى الله عليه وسلم - الهلاك فيها إلى أعمال غير الغلو، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد"، فهنا حصران متقابلان، فإذا قلنا: إنه حقيقي بمعنى أنه لا هلاك إلا بهذا حقيقة، صار بين الحديثين تناقض.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير