تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عبودية الكائنات]

ـ[عبدالعزيز السريهيد]ــــــــ[30 - 12 - 07, 09:42 م]ـ

أعجبتني رسالة ماجستير قدمها (فريد بن أسماعيل التوني) بجامعة أم القرى بمكة. وقد طبعت عام 1413 هـ 1992 م وكانت بعنوان عبودية الكائنات و حسب علمي لم تطبع بعدها. وهي رسالة نادرة في بابها وياليت المؤلف يعيد النظر في طباعتها مرة أخرى للحاجة إليها خصوصا في هذا الزمان الذي كثر فيه البعيدون عن الله.

إنها فريدة في نوعها لا نجد في الكتب القديمة والمعاصرة من تطرق لهذا الموضوع بمثل هذا التفصيل.

تناول فيها المؤلف: عبودية كل ما هو كائن وتكلم عن كل منها على حدة ممن ذكروا في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة الصحيحة.

1 - عبودية الإنس: فقد تكلم عنهم عموما ثم الأنبياء عليهم السلام حيث هم أعلاهم وأفضلهم ثم أتباع الأنبياء.

2 - عبودية الحيوانات ومنها: الدواب عموما، والبقرة، والجمل، والحيتان، والديك، و الذئب، والفرس، والهدهد، والنملة.

3 - عبودية النباتات: ومنها الشجرة والعذق والساق.

4 - عبودية الجمادات ومنها: أعضاء الإنسان، والبحر، والبر، والجبال، والرعد، والرياح، والسحاب، والسموات، والأرض والشمس، والقمر، والطعام، الظلال، والنجوم.

5 - عبودية الأحياء الغيبية: وهم الملائكة، والجن، والشياطين.

و غير ذلك.

وسأنتقي من هذه الرسالة عبودية الحيوانات، والجمادات، والأشجار.

وستكون الحلقة الأولى: عبودية الحيوانات:

وهذا مما يثير الدهشة أن نجد كائنات أخرى - اصطلح الناس على أنها غير عاقلة - تقوم بعبادة الله حق قيام بما أودعه الله فيها من الإدراك والتمييز. وسبب الدهشة هو الاعتقاد السائد أن هذه الكائنات لا تعقل ولا لاتدرك وليس لها أي عبودية لله عز وجل. والصحيح أن هذه الحيوانات وهذه الجمادات وهذه الأشجار لها إدراك تدرك به وسيأتي بيان ذلك في هذه الحلقات.

أولا: عبودية الدواب عموما:

1 - سجود الدواب: فأما سجودها كلها فقد جاءت النصوص بالدلالة على ذلك منها:

قوله تعالى: (ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة و الملائكة وهم لا يستكبرون).

فالله يخبر عن سجود الدواب التي في الأرض وهي من جملة الكائنات المخلوقة التي تعترف بعظم خالقها و قدرة صانعها فتخضع له.

وقوله سبحانه: (ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس). فعطف الدواب وكذلك الجمادات على الأمم الأخرى كأمة الملائكة وأمة الجن وأمة الإنس، يدل على خضوع تلك الكائنات كلها لعظيم سلطان الله عز وجل خضوع اختيار، وأنها لا تخرج عن نطاق عبوديتها لله عز وجل.

2 - إشفاقها من يوم الجمعة: فالدواب تشفق وتخاف، ويشتد خوفها يوم الجمعة لقيام الساعة فيه، فهي وكأنها تترقب وقوعه. حتى تستعد له، ولكن عجبا لبعض الإنسان الذي يؤمن بالساعة و لكنه لا يستعد لها إلا من رحم الله تعالى.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من دابة إلا وهي مصيخة - أي منصته ومستمعة - يوم الجمعة خشية أن تقوم الساعة) رواه الإمام أحمد في مسنده. وصححه الألباني.

3 - راحتها من موت الفاجر:

فالدواب تستريح من موت الفاجر، وكذلك الشجر، وذلك لمبارزته لله عز وجل بانتهاك حرماته، ففي الحديث: (أنه صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال مستريح ومستراح منه. فقالوا: يا رسول الله ما المستريح و ما المستراح منه؟ قال: إن العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله تعالى، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب) رواه البخاري

4 - كلام الدواب: وهي من علامات الساعة الكبرى، أن الدابة التي يخرجها الله عز وجل للناس وتكلمهم وتتحدث إليهم حيث قال تعالى: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون).

اللقاء القادم مع عبودية البقرة. إن شاء الله. والسلام

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير