[حول مقولة؛ "حب الاوطان من الايمان"]
ـ[ابودُجانه]ــــــــ[01 - 01 - 08, 10:04 م]ـ
[حول مقولة؛ "حب الاوطان من الايمان"]
المفتي: حامد بن عبد الله العلي
هل حديث حب الاوطان من الايمان صحيح؟ وما حكم حب الوطن؟ وما حكم الذي يقول أنا وطني؟
* * *
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وبعد:
هذا الحديث - حب الاوطان من الايمان - موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقله، ولا يجوز اعتقاده.
وأما حكم حب الوطن:
فحب الوطن؛ حب فطري، والإنسان يتعلق بالأرض التي عاش عليها، وأَلِف أهلها، وسهلوها، وجبالها، لأنها تحمل ذكرياته.
كما قال الشاعر:
وحبّب أوطان الرجال إليهم مآرب قضاها الشباب هنالك
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فحنوا لذلك
وحب الوطن، هو مثل حب الإنسان، لولده، وقومه، وعشيرته، وزوجته، ومثل حبه لما هو جميل، فهذا الحب مغروس في جبلة الإنسان، وهو أمر فطري.
لكن إن كان الإنسان، لا يمكنه إظهار دينه في وطنه، فلا يتمكن من إظهار الصلاة والصيام مثلا، ويكره على إظهار شعار الكفر، فإنه يجب عليه الهجرة من ذلك الوطن، إلى حيث يمكنه إظهار دينه، إن استطاع، وإلا أخفى إيمانه حتى يجعل الله تعالى له سبيلا.
وهذه الهجرة واجبة عليه مع القدرة، قال تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فاعبدون}.
فإن آثر المسلم عدم إظهار دينه، بل أظهر بدل ذلك شعائر الكفر، وعرض نفسه للفتنة عن دينه، من أجل حبه لوطنه، ومشقة الهجرة منه، فآثر ذلك على الهجرة إلى حيث يمكنه إقامة دينه؛ فهو مرتد مشرك، شرك اتخاذ الأنداد، لأن الأنداد هي كل ما جذب الإنسان عن مقتضى حب الله تعالى وهو - أي مقتضى حب الله - الانقياد له وطاعته، سواء كان ما جذب الإنسان، عن مقتضى حب الله تعالى، هو الزوجة، أو العشيرة، أو الوطن، أو غير ذلك، فكل ما آثره العبد على الدين، وجعله مقدما في الطاعة والانقياد على طاعة الله تعالى، فذلك من اتخاذ الند لله تعالى، وقد قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله، والذين آمنوا أشد حبا لله}.
فإن قدر على إقامة دينه، بحيث لا يمنع من الصلاة، ولا الصوم، ولا من إقامة شعائر الإسلام، لم تجب عليه الهجرة، لكن يستحب له أن يهاجر إلى حيث يكون إيمانه أقوى.
والخلاصة؛ أن الدين مقدم على الوطن، وحب الله تعالى وطاعته قبل حب الوطن.
ولكن هذا كله يقصد به الوطن، الذي هو الأرض التي عاش عليها الإنسان.
وليس المقصود الحدود السياسية التي وضعها المستعمر، فبلاد الاسلام هي كل بلد احتكمت إلى الشريعة الاسلامية، والواجب أن يكون للمسلمين نظام سياسي واحد؛ هو الخلافة، ولكن المقصود الارض التي عاش عليها الانسان، ونشا فيها، وفيها قومه وعشيرته، وموطن أجداده.
أما الوطن بمعنى النظام القائم؛ فإن كان نظاما كافرا، فهذا حبه رده عن الدين، وكيف يحب المسلم نظاما معاديا لله ورسوله، كما قال تعالى: {لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه .. الآية}.
وإن كان نظاما إسلاميا قائما بالشريعة؛ فحبه من الإيمان، لان الحب هنا لرجال مؤمنين يقومون بأمر الله تعالى، لان النظام ما هو إلا رجال يحكمون، وحب المؤمنين من الإيمان.
وأما قول الرجل أنا وطني؛
فهو نسبة إلى وطنه، وكل إنسان يصح له أن ينتسب إلى وطنه.
أما الحكم على قائل هذه العبارة؛
فينظر إلى مقصده من قوله، فإن قصد أنه ينصر حقوق الناس ولا يغشهم فهذا معنى صحيح، وإن كان يقصد الولاء للنظام فينظر إلى حال النظام كما أسلفنا.
وإن كان هذا اللفظ يطلق في الغالب على معنى مخالف للشرع، فلا يجوز إطلاقه، ولكن الحكم على قائله لا يكون إلا بعد الاستفصال عن قصده.
والله أعلم
ـ[ابو محمد الغامدي]ــــــــ[06 - 01 - 08, 04:54 م]ـ
جزاك الله خيرا على النقل المفيد
ـ[أبو محمد أحمد بن عثمان]ــــــــ[06 - 01 - 08, 09:59 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[ابودُجانه]ــــــــ[08 - 01 - 08, 12:53 ص]ـ
أمين وفيكم بارك الله