بعلمه من أسرار خلقه ما لا يعلمه غيره بأنهم في الدرك الاسفل من النار وانهم كاذبون بأيمانهم وحكم فيهم جل ثناؤه في الدنيا بأن ما أظهروا من الايمان وإن كانوا به كاذبين لهم جنة من القتل وهم المسرون الكفر المظهرون الايمان وبين على لسانه صلى الله عليه وسلم مثل ما أنزل في كتابه من أن إظهار القول بالايمان جنة من القتل أقر من شهد عليه بالايمان بعد الكفر أو لم يقر إذا أظهر الايمان فإظهاره مانع من القتل وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حقن الله تعالى دماء من أظهر الايمان بعد الكفر أن لهم حكم المسلمين من الموارثة والمناكحة وغير ذلك من أحكام المسلمين.
فكان بينا في حكم الله عزوجل في المنافقين ثم حكم رسوله صلى الله عليه وسلم أن ليس لاحد أن يحكم على أحد بخلاف ما أظهر من نفسه وأن الله عزوجل إنما جعل للعباد الحكم على ما أظهر لان أحدا منهم لا يعلم ما غاب إلا ما علمه الله عزوجل فوجب على من عقل عن الله أن يجعل الظنون كلها في الاحكام معطلة فلا يحكم على احد بظن.
وهكذا دلالة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانت لا تختلف.
أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد بن الاسود أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن
لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ منى بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقتله) فقلت يا رسول الله إنه قطع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقتله فإنك إن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها)
(قال الشافعي) رحمه الله: فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله حرم دم هذا بإظهاره الايمان في حال خوفه على دمه ولم ييحه بالاغلب أنه لم يسلم إلا متعوذا من القتل بالاسلام
(قال الشافعي) أخبرنا مالك عن أبن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار أن رجلا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ندر ما ساره به حتى جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يستأذنه في قتل رجل من المنافقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟) قال بلى.
ولا شهادة له.
قال: (أليس يصلى؟) قال بلى ولا صلاة له: فقال النبي صلى الله عليه وسلم (أولئك الذين نهاني الله عنهم)
(قال الشافعي) فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم المستأذن في قتل المنافق إذا أظهر الاسلام أن الله نهاه عن قتله وهذا موافق كتاب الله عزوجل بأن الايمان جنة وموافق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم أهل الدنيا.
وقد أخبر الله عنهم أنهم في الدرك الاسفل من النار.
أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا ازال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوا فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)
(قال الشافعي) رحمه الله: وهذا موافق ما كتبنا قبله من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وبين أنه إنما يحكم على ما ظهر وأن الله تعالى ولى ما غاب لانه عالم بقوله (وحسابهم على الله) وكذلك قال الله عزوجل فيما ذكرنا وفي غيره فقال (ما عليك من حسابهم من شئ) وقال عمر رضى الله عنه لرجل كان يعرفه بما شاء الله في دينه (أمؤمن أنت؟) قال نعم قال (إني لاحسبك متعوذا) قال أما في الايمان ما اعاذني؟ فقال عمر بلى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل هو من أهل النار فخرج احدهم معه حتى أثخن الذي قال من أهل النار فأذته الجراح فقتل نفسه.
ولم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما استقر عنده من نفاقه وعلم إن كان علمه من الله فيه من أن حقن دمه بإظهار الايمان.
والله تعالى اعلم
ـ[أبو مهند القصيمي]ــــــــ[06 - 01 - 08, 01:20 ص]ـ
بورك فيكم ..
ولكن قصدي لو كفر القاضي شخصاً فهل يفرق بينه وبين زوجته ولا يغسل ولا يكفن إن مات .. الخ؟