وقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على فعل الأسباب، منها حديث المغيرة ابن أبي قرة السدوسي أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال رجل يارسول الله أعقلها وأتوكل (يقصد الناقة) أو أُطلقها وأتوكّل؟ قال: (اعقلها وتوكل) (1). وفي مسألة فعل الكسب بالسبب حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل أحداً فيعطيه أو يمنعه) (2). وحديث المقداد -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وأن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده) (3).
وحديث عائشة -رضي الله عنها- أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا عمال أنفسهم فكان يكون لهم أرواح فقيل لهم لو اغتسلتم (1).
وخلاصة المسألة: أن التوكل على الله يعني الاعتماد عليه، والثقة فيما عنده، فيما يبتغيه العبد من أمور الدنيا والآخرة. ولا يتحقق التوكل على الله إلا بأربعة شروط: الأول- تقييد التوكل وحصره في الله تعالى. الشرط الثاني: الاعتقاد بأن الله هو القادر على تحقيق مطالب العبد وحاجاته، وأن كل ما يحصل له إنما هو بتدبير الله وإرادته. الشرط الثالث: اليقين بأن الله سيحقق للعبد ما يتوكل عليه فيه إذا أخلص نيته واتجه إلى الله بقلبه. الشرط الرابع: عدم اليأس والقنوط فيما يتوجه به العبد إلى ربه من التوكل عليه في قضاء حاجاته. وقد وصف الله المؤمنين بأنهم يتوكلون عليه، وأثنى عليهم في محكم كتابه وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
والتوكل على الله يعد قوة دفع للمؤمن في حياته؛ فهو حين يؤمن أن توكله على الله يحقق له مطلبه ومبتغاه، فإنه لن يتردد في العمل من أجل هذا المطلب مهما كانت مخاطره.
والتوكل على الله ليس مجرد قول بلا عمل، وإنما هو عمل من وجهين:
الأول: أن التوكل في ذاته عمل يقتضي الإيمان المطلق بأن المتوكل عليه -وهو الله- يكفي المتوكل وهو العبد، ويقيه ما يحذر منه، ويجعل له مخرجاً من كل عسر وضيق؛ فالتوكل عبادة وتقوى، ولا تتحقق العبادة إلا بالعمل؛ فالصلاة عمل، والزكاة عمل وهكذا.
الوجه الثاني: أن التوكل على الله يقتضي فعل الأسباب، فالمتوكل حقيقة ليس بمتواكل يكل أمره إلى غيره، فمن يفعل ذلك فهو ضعيف وعاجز. وقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على فعل الأسباب في أحاديث كثيرة.
والله تعالى أعلم.
ـ[ريحانة الإيمان]ــــــــ[11 - 01 - 08, 08:58 ص]ـ
نعم ما قلت وجزاك الله خيرا
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[11 - 01 - 08, 11:04 ص]ـ
جزاك الله خيراً موضوع جيد من أخٍ فاضل إن شاء الله
وكذلك أحب أن أضيف إن سمحت لي أنه من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ((ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك)) فذلك هو قمة التوكل أن لا يعتمد الإنسان على نفسه الضعيفه ولا طرفة عين ولا أقل من ذلك كما يطلق بعضهم دورات الإعتماد على النفس بل يخرج الإنسان بكليته عن حوله وقوته إلى حول الله وقوته وهي من كنوز الجنه كما قال صلى الله عليه وسلم ((لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة))
جزاك الله خيراً أخي الكريم
ـ[حصةعبدالعزيزالعنزان]ــــــــ[30 - 03 - 10, 05:51 م]ـ
جزاك الله خير اخي لاكن بودي ان اسالك مالفرق بين الثقة بالله والتوكل وحسن الظن بالله .. ؟؟