تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهؤلاء وقد طغى عليهم الغرور الفكرى، فركبوا رؤوسهم ولم يقدروا عقولهم قدرها ولم ينزلونها منزلتها، ولم يقدروا الله حق قدره، ولم يعرفوا حقيقة شرعه، ولا طريق تطبيق مناهجه وأحكامه، ولم يعلموا أن الله قد أحاط بكل شيء علماً، فعلم ما كان وما سيكون من اختلاف الأحوال، وكثرة المشاكل، وأنه أنزل شريعة عامة شاملة، وقواعد كلية محكمة وقدرها بكامل علمه وبالغ حكمته فأحسن تقديرها، وجعلها صالحة لكل وقدرها بكامل علمه وبالغ حكمته فأحسن تقديرها، جعلها صالحة لكل زمان ومكان، فمهما اختلفت الطبائع والحضارات، وتباينت الظروف والأحوال، فهى صالحة لتنظيم معاملات العباد وتبادل المنافع بينهم والفصل في خصوماتهم وحل مشاكلهم، وصلاح جميع شؤونهم في عباداتهم ومعاملاتهم.

إن العقول التى منحها الله عباده ليعرفوه بها، وليهتدوا بفهمها لتشريعه إلي ما فيه سعادتهم في العاجل والآجل، قد اتخذوا منها خصماً لدوداً لله فأنكروا حكمته وحسن تدبيره وتقديره، وضاقوا ذرعاً بتشريعه وأساءوا الظن به فانتقصوه وردوه، وقد يصابون بذلك وهم لا يدرون لأنهم بغرورهم بفكرهم عميت عليهم معالم الحق والعدل فكانوا من الأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. وكانوا ممن بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار.

إن الله وسبحانه كثيراً ما يذكر الناس في القرآن بأحوال المعتدين الهالكين، ويحثهم على أن يسيروا في الأرض لينظروا ما كانوا فيه من قوة ورغد عيش وحضارة وبسطة في العلم، نظر عظة واعتبار، ليتذكروا طريقهم، إتقاء لسوء مصيرهم، ولفت النظر في بعض الأمور إلي جريمة الغرور الفكرى، لشدة خطره، وبين أنه الفتنة الكبرى التى دفعوا بها في صدور الرسل، وردوا بها دعوتهم ليعرفنا بقصور عقول البشر، أنها لا تصلح لمقاومة دعوة الرسل، وليحذرنا من خطر الغرور الفكرى الذي هلك به قاوم المرسلين.

قال تعالى (َفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ *فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ).

ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[12 - 01 - 08, 12:06 ص]ـ

http://www.afifyy.com/book.html

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير