تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أهل دين النمرود والكنعانيين الذين صنف بعض المتأخرين في سحرهم .. إلى آخر كلامه رحمه الله، ولم يذكر رحمه الله أنه لم يجمع الناس على قتله كما ذكر هذا المعترض، بل قرر كفره وذكر أنه أول من أظهر مقالة التعطيل وأنه إنما أخذ هذه المقالة من اليهود والفلاسفة والصابئين. فما وجه الاستدلال بكلام شيخ الإسلام على ما يدعيه من عدم الإجماع على قتله؟ وشيخ الإسلام لم يذكر ما يدل على مطلوبه، بل ذكر ما يناقضه ويدل على كفره ووجوب قتله، اللهم إلا ما استراح إليه هذا المعترض من كلام شيخ الإسلام من أن الجعد كان معلم مروان! فكان ماذا؟! وهذا لا يستدل به عاقل فضلاً عن العالم، والله المستعان.

وأما قوله: " فهذا الذي قتل الجعد عامل من عمال بني أمية قتله من غير مشاورة عالم من علماء الدين فكيف يقول ابن عبدالوهاب إنه قتل بإجماع التابعين فأين الحياء من رب العالمين في نسبة الإجماع لهذا الفعل إلى التابعين وهو فعل عامل من عمال الجبارين ".

والجواب: أن يقال لهذا الجاهل الذي ينطق بمالا يعقل: قد كان خالد بن عبدالله القسري من عمال بني أمية، وقد غضب لله وغار من كفر عدو الله الجعد بن درهم؛ حيث زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولا كلم موسى تكليما، فقتله غضباً لله وغيرة وحمية، فأقره على ذلك وشكره عليه جميع أهل السنة، فكان إجماعاً، ولا يلزم من ذكر الإجماع على مسألة أو قضية أو فتوى أن يبعث إلى جميع الأمة ويشاورهم على فعلها، ولا يكون إجماعاً إلا ما كان كذلك، وهذا لم يقله أحد من العلماء، بل الذي ذكر أهل العلم أن الصحابي أو الواحد من العلماء إذا قال قولاً أو قضى بقضية فانتشرت وظهرت ولم يكن لها مخالف من الصحابة، أو فعل ذلك أحد من التابعين ولم يعرف له مخالف، أن ذلك إجماع، وقد اشتهر قتل خالد بن عبدالله القسري لجعد عدو الله ولم ينكره أحد من التابعين ولا من بعدهم من العلماء، ولم يُعرف في ذلك مخالف، فكان إجماعاً.

والطرق التي يُعرف بها الإجماع القطعي معروفة عند أهل العلم مقررة في محلها لا تخفى على مثل شيخنا، فإذا احتج بالإجماع قبل منه وأخذ عنه، فإن القول ما قالت حذامِ، ولا يقدح في مثل حكاية الإجماع على قتل الجعد إلا رجل مغموص بالنفاق، قد غاظه وأمضه ما فعل أمراء الإسلام من قتل أعداء الله ورسوله، وقد أقره على ذلك وشكره عامة علماء أهل السنة.

وأما تعليله بأنه من عمال الجبارين! فهو تعليل بارد، أما علم هذا المفتون أن أكثر ولاة أهل الإسلام من عهد يزيد بن معاوية حاشا عمر بن عبدالعزيز وما شاء الله من بني أمية قد وقع منهم ما وقع من الجرأة والحوادث العظام والخروج والفساد في ولاية أهل الإسلام، ومع ذلك فسيرة الأئمة الأعلام والسادة العظام معروفة مشهورة، لا ينزعون يدًا من طاعتهم فيما أمر الله به ورسوله من شرائع الإسلام وواجبات الدين، وأضرب لك مثلاً بالحجاج بن يوسف الثقفي، وقد اشتهر أمره في الأمة بالظلم والغشم والإسراف في سفك الدماء وانتهاك حرمات الله، وقتل من قتل من سادات الأمة كسعيد بن جبير، وحاصر ابن الزبير وقد عاذ بالحرم الشريف، واستباح الحرمة، وقتل ابن الزبير مع أن ابن الزبير قد أعطاه الطاعة وبايعه عامة أهل مكة والمدينة واليمن وأكثر سواد العراق، والحجاج نائب عن مروان ثم عن ولده عبدالملك، ولم يعهد أحد من الخلفاء إلى مروان ولم يبايعه أهل الحل والعقد، ومع ذلك لم يتوقف أحد من أهل العلم في طاعته والانقياد له فيما تسوغ طاعته فيه من أركان الإسلام وواجباته، وكان ابن عمر ومن أدرك الحجاج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينازعونه ولا يمتنعون من طاعته فيما يقوم به الإسلام ويكمل به الإيمان، وكذلك من في زمانه من التابعين كابن المسيب والحسن البصري وابن سيرين وإبراهيم التيمي وأشباههم ونظرائهم من سادات الأمة، واستمر العمل على هذا بين علماء الأمة وأئمتها يأمرون بطاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله مع كل إمام بر أو فاجر، كما هو معروف في كتب أصول الدين والعقائد، وكذلك بنو العباس استولوا على بلاد المسلمين قهرًا بالسيف لم يساعدهم أحد من أهل العلم والدين، فقتلوا خلقاً كثيراً وجماً غفيراً من بني أمية وأمرائهم ونوابهم، وقتلوا ابن هبيرة أمير العراق، وقتلوا الخليفة مروان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير