[الساب للدين هل يضرب ضربتين ويؤدب أم يقتل!!]
ـ[محمد السالم]ــــــــ[20 - 01 - 08, 07:46 م]ـ
قال سماحة الشيخ الفقيه المحدث والعلم الشامخ أبو عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
هذه مسألة عظيمة، ولها شأن خطير، فسب الدين من أعظم الكبائر والنواقض للإسلام، فإن سب الدين ردةعند جميع العلماء، وهو شر من الاستهزاء، قال الله تعالى (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)
وكانت الجارية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تسب النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها سيدها لما لم تتب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (ألا أشهدوا أن دمها هدر)
فسب الدين يوجب الردة عن الإسلام، وسب الرسول صلى الله عليه وسلم كذلك يوجب الردة عن الإسلام، ويكون صاحبه مهدر الدم، وماله لبيت المال، لكونه مرتدا أتى بناقض من نواقض الإسلام، لكن إذا كان عن شدة غضب واختلال عقل، فله حكم آخر.
والغضب عند أهل العلم له ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: أن يشتد غضبه حتى يفقد عقله، وحتى لا يبقى معه تمييز من شدة الغضب، فهذا حكمه حكم المجانين والمعاتيه (جمع معتوه) لا يترتب على كلامه حكم، لا طلاقه ولا سبه ولا غير ذلك، ويكون كالمجنون لا يترتب عليه حكم.
المرتبة الثانية: دون ذلك، أن يشتد معه الغضب، ويغلب عليه الغضب جدا حتى يغير فكره، وحتى لا يضبط نفسه ويستولي عليه استيلاء كاملا حتى يصير كالمكره والمدفوع الذي لا يستطيع التخلص مما في نفسه، لكنه دون الأول، فلم يزل شعوره بالكلية، ولم يفقد عقله بالكلية، لكن معه شدة غضب بأسباب المسابة والمخاصمة والنزاع بينه وبين بعض الناس كأهله، أو زوجته أو ابنه أو أميره أو غير ذلك.
فهذا اختلف فيه العلماء فمنهم من قال حكمه حكم الصاحي وحكم العاقل فتنفذ فيه الأحكام فيقع طلاقه ويرتد بسبه الدين ويحكم بقتله وردته ويفرق بينه وبين زوجته.
ومنهم من قال يلحق بالأول الذي فقد عقله لأنه أقرب إليه، ولأن مثله مدفوع مكره إلى النطق، لا يستطيع التخلص من ذلك لشدة الغضب، وهذا قول أظهر وأقرب، وأن حكمه حكم من فقد عقله في هذا المعنى، أي في عدم وقوع طلاقه وفي عدم ردته، لأنه يشبه فاقد الشعور بسبب شدة غضبه واستيلاء سلطان الغضب عليه حتى لم يتمكن من التخلص من ذلك.
واحتجوا على هذا بقصة موسى عليه الصلاة والسلام فإنه لما وجد قومه على عبادة العجل اشتد غضبه عليهم، وجاء وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه من شدة الغضب، فلم يؤاخذه الله لا بإلقاء الألواح ولا يجر أخيه هارون وهو نبي مثله، ولو ألقاها تهاونا بها وهو يعقل لكان هذا عظيما، ولو جر إنسان النبي بلحيته أو رأسه وآذاه لصار هذا كفرا.
لكن موسى في شدة الغضب العظيم لله عز وجل على ما جرى من قومه سامحه الله ولم يؤاخذه بإلقاء الألواح ولا بجر أخيه.
هذه من حجج الذين قالوا إن طلاق هذا الذي اشتد به الغضب لا يقع، وهكذا سبه لا يقع به ردة، وهو قول قوي وظاهر، وله حجج أخرى كثيرة بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والعلامة ابن القيم، واختارا هذا القول.
وهذا القول أرجح عندي وهو الذي أفتي به، لأن من اشتد غضبه ينغلق عليه قصده ويشبه المجنون بتصرفاته وكلامه القبيح فهو أقرب إلى المجنون والمعتوه منه إلى العاقل السليم، وهذا قول أظهر وأقوى.
ولكن لا مانع من كونه يؤدب بعض الأدب إذا فعل شيئا من أسباب الردة أو من وجوه الردة، وذلك من باب الحيطة ومن باب الحذر من التساهل بهذا الأمر أو وقوعه منه مرة أخرى إذا أدب بالضرب أو بالسجن أو نحو ذلك، وهذا قد يكون فيه مصلحة كبيرة لكن لا يحكم عليه بحكم المرتدين من أجل ما أصابه من شدة الغضب التي تشبه حال المجنون والله المستعان.
المرتبة الثالثة فهو الغضب العادي الذي لا يزول معه العقل ولا يكون معه شدة تضيق عليه الخناق وتفقده ضبط نفسه، بل هو دون ذلك، غضب عادي يتكذر ويغضب ولكنه سليم العقل سليم التصرف.
فهذا عند أهل العلم تقع تصرفاته، ويقع بيعه وشراؤه وطلاقه وغير ذلك لأن غضبه خفيف لا يغير عليه قصده ولا قلبه. والله أعلم
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[20 - 01 - 08, 08:07 م]ـ
بارك الله فيكم
ما يقع منه كثير بالنسبة للعامي الذي يجهل حكم السب
مثلا عند المالكية الجهل قرين العمد في جل الفروع، وكان شيوخنا منذ فترة يحكمون بردة الساب للدين عن جهل .. والله أعلم