وهذا مما لم ينازع فى أصله أحد من بنى آدم وانما نازعوا فى بعض تفاصيله كنزاع المجوس والثنوية والطبيعية والقدرية وأمثالهم من ضلال المتفلسفة والمعتزلة ومن يدخل فيهم وأما توحيد الالهية فهو الشرك العام الغالب الذى دخل من أقر أنه لا خالق الا الله ولا رب غيره من أصناف المشركين كما قال تعالى وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون كما قد بسطنا هذا فى غير هذا الموضع
وقال بن القيم فى كتابه شفاء العليل
[جزء 1 - صفحة 303]
فصل فقد تبين بدلالة الكتاب والسنة والآثار واتفاق السلف على أن الخلق مفطورون على دين الله الذي هو معرفته والإقرار به ومحبته والخضوع له وإن ذلك موجب فطرتهم ومقتضاها يجب حصوله فيها إن لم يحصل ما يعارضه ويقتضي حصول ضده وإن حصول ذلك فيها لا يقف على وجود شرط بل على انتفاء المانع فإذا لم يوجد فهو لوجود منافيه لا لعدم مقتضيه ولهذا لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم لوجود الفطرة شرطا بل ذكر ما يمنع موجبها حيث قال فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه فحصول هذا التهويد والتنصير موقوف على أسباب خارجة عن الفطرة وحصول الحنيفية والإخلاص ومعرفة الرب والخضوع له لا يتوقف أصله على غير الفطرة وإن توقف كماله وتفصيله على غيرها وبالله التوفيق) انتهى
وقال بن تيميه فى مجموع الفتاوى
[جزء 1 - صفحة 154]
وهذا الأصل وهو التوحيد هو أصل الدين الذى لا يقبل الله من الأولين والآخرين دينا غيره وبه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب كما قال تعالى واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون وقال تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى اليه أنه لا إله الا أنا فاعبدون وقال تعالى ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة
وقد ذكر الله عز وجل عن كل من الرسل أنه افتتح دعوته بأن قال لقومه اعبدوا الله مالكم من إله غيره
وفى المسند عن بن عمر عن النبى أنه قال بعثت بالسيف بين يدى الساعة
حتى يعبد الله وحده لا شريك له
وجعل رزقى تحت ظل رمحى وجعل الذل والصغار على من خالف أمرى ومن تشبه بقوم فهو منهم
والمشركون من قريش وغيرهم الذين أخبر القرآن بشركهم واستحل النبى دماءهم وأموالهم وسبى حريمهم وأوجب لهم النار كانوا مقرين بأن الله وحده خلق السموات والأرض كما قال ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون وقال ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فإنى يؤفكون وقال قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون
سيقولون لله قل أفلا تذكرون
قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم
سيقولون لله قل أفلا تتقون
قل من بيده ملكوت كل شىء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون
سيقولون لله قل فانى تسحرون بل أتيناهم بالحق وانهم لكاذبون
ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون
وكان المشركون الذين جعلوا معه آلهة أخرى مقرين بأن آلهتهم مخلوقة ولكنهم كانوا يتخذونهم شفعاء ويتقربون بعبادتهم اليه كما قال تعالى ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم فى السموات ولا فى الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون)) انتهى
وهذا الفهم والاعتقاد فى كيفية معرفة توحيد الربوبيه او توحيد المعرفة هو فهم سلف الائمه وأئمة السنه والحديث كمالك و سفيان الثوري و حماد بن زيد و حماد بن سلمة و عبد الرحمن بن مهدي و الشافعي و أحمد بن حنبل كما سينقله الامام شيخ الاسلام عن احد شيوخ المالكيه
يقول فى كتاب درء التعارض معرفا بالشيخ قبل ان ينقل عنه اعتقاده مبينا انه متبعا لسلف الامة فى هذا الاعتقاد فقال عنه
[جزء 4 - صفحة 351]
وهذا الشيخ أبو محمد بن عبد البصري المالكي طريقته طريقة أبي الحسن بن سالم و أبي طالب المكي وأمثالهما من المنتسبين إلى السنة والمعرفة والتصوف واتباع السلف وأئمة السنة والحديث كمالك و سفيان الثوري و حماد بن زيد و حماد بن سلمة و عبد الرحمن بن مهدي و الشافعي و أحمد بن حنبل وأمثالهم وكذلك ينسبون إلى سهل ابن عبد الله التستري وأمثاله من الشيوخ
¥