تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كعبادة الكواكب والأصنام، وأصل ذلك نفيهم لما يجب إثباته من فعل الرب تعالى كما دل عليه المنقول والمعقول فإن هؤلاء قد يثبتون أن الذين نفوا قيام الأمور الاختيارية بذات الله تعالى وسموا ذلك نفي حلول الحوادث به ليس لهم على ذلك حجة صحيحة لا عقلية ولا سمعية بل الذين نفوا ذلك من جميع الطوائف يلزمهم القول به فإذا كان هذا الأصل في المعقول ولزومه للطوائف ودلالة الشرع عليه بهذه القوة وبتقدير إبطاله يلزم ترجيح مذهب الملاحدة المبطلين شرعا وعقلا على أقوال المرسلين الثابتة شرعا وعقلا أو تكافي المسلمين أهل الإيمان وأهل الإلحاد تبين ما ترتب على إنكار ذلك من الضلال والفساد.

ومصداق ذلك أن الرازي مثلا إذا قرر في مثل نهاية العقول وأمثالها من كتبه الكلامية تناهي الحوادث واستوعبت ما ذكره أهل الكلام في ذلك من الحجج عارضه إخوانه المتكلمون فقدحوا فيها واحدة واحدة ثم هو نفسه يقدح فيها في مواضع من كتبه مثل المباحث المشرقية والمطالب العالية وغير ذلك ويبين أن دوام فاعلية الرب مما يجب القول به كما ذكره في المباحث المشرقية فإنه قال في بيان دوام فاعلية الباري:

اعلم أنا بينا أن واجب الوجود لذاته كما أنه واجب الوجود لذاته فهو واجب الوجود من جميع جهاته وإذا كان كذلك وجب أن تدوم أفعاله بدوامه وبينا أيضا أن سبق العدم ليس بشرط في احتياج الفعل إلى الفاعل وبينا في باب الزمان أن الزمان لا يمكن أن يكون له مبدأ زماني وحللنا فيه الشكوك والشبه.

قال: وأيضا العالم غير ممتنع أن يكون دائم الوجود وما لا يمتنع أن يكون دائم الوجود يجب أن يكون دائم الوجود فالعالم يجب أن يكون دائم الوجود أما الصغرى فقد مضى تقريرها وأما الكبرى فهي أن الذي لا يمتنع أن يكون موجودا دائما لو كان جائز العدم لكان إما أن يكون عدمه ممكنا دائما أو لا يكون دائما فإن لم يكن له إمكان العدم دائما كان ذلك الإمكان محدودا وإذا تعدى ذلك الحد وجب فيه وجوده وامتنع عدمه مع أن الأحوال واحدة وهذا محال يبقى أنه إن كان عدمه ممكنا فهو ممكن العدم دائما وكل ما كان ممكنا فإنه إذا فرض موجودا أمكن أن يعرض منه كذب وأما المحال فلا يعرض ألبتة إذا فرض معدوما لكن فرض هذا العدم يعرض منه محال وبيانه هو أنا نفرض أن أحد طرفي الممكن وهو الوجود الدائم وجد وهو مع ذلك يقوى على عدم الصورة دائما فلا يمتنع أن يقع ذلك الممكن فإن استحال وقوعه لم يكن ذلك ممكنا لكنه يستحيل مع فرض وجوده دائما عدمه دائما وإلا لكان الشيء في زمان غير متناه معدوما وموجودا معا وهو محال نعم يمكن فرض عدمه بعد وجوده ولكن ذلك العدم غير دائم بل هو عدم متجدد وإذا كان هذا محالا بالوضع ليس بكذب غير محال بل هو محال فالحكم على ما يمكن وجوده دائما بأنه جائز العدم محال فإذا وجوده واجب وهو المطلوب))

وهو في المطبوع من المباحث 2/ 542 - 543

ثم قال ابن تيمية بعد كلام: (( .. ولما ذكر الرازي هذه الحجة قال "عمدة المنكرين لهذا امتناع حوادث لا أول لها وقد مضى القول فيه في باب الزمان فلا نطول بذكره تطويلاتهم الخارجة عن الأصول"، والموضع الذي أحال فيه ذكر فيه الحجج التي احتج بها هو وغيره على حدوث الزمان ولوازم ذلك من حدوث الحركة والجسم وأبطل ذلك كله فذكر ما احتج به المعتزلة والأشعرية وما ذكره هو في الأربعين ونهاية العقول في مسألة حدوث العالم وأبطل ذلك كله فركب لهم سبع حجج أولها .. ونقلها ثم قال: ... ثم قال: قالت الفلاسفة الجواب عما ذكروه أولا من وجوه ثلاثة ... الثاني أنا بينا في باب تناهي الأجسام أن الشيء ... الثالث معارضة ذلك بأمور أربعة أولها صحة حدوث ..... قال والجواب عما ذكروه ثانيا يعني الحجة الثانية أنه إما ... والجواب عما ذكروه ثالثا أنه لا يلزم من ثبوت الأول لكل واحد ثبوت الأول للكل ... قال والجواب عما ذكروه رابعا أن انتهاء الحوادث .. والذي يحسم مادة هذا الوهم معارضته بالصحة فنقول صحة حدوث الحوادث هل كانت حاصلة في الأزل أم لا فإن كانت حاصلة في الأزل أمكن حدوث حادث أزلي وذلك محال وإن لم تكن فللصحة مبدأ أول وهو محال ولما لم يكن هذا الكلام قادحا في أن الصحة لا بداية لها لم يكن قادحا في هذه المسألة قال والجواب عما ذكروه سادسا وهو أن ما دخل في الوجود فقد حصره ... قال: هذا جملة ما قيل في هذه المسألة"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير