قلت-القائل ابن تيميه-: فهذا كلام الرازي في هذا مع أنه من عادته في الكتاب المذكور الذي صنفه في الفلسفة وهو أكبر كتبه في ذلك إذا تمكن من القدح فيما يورده الفلاسفة قدح فيه كما قدح في قولهم الواحد لا يصدر عنه إلا واحد والشيء الواحد لا يكون قابلا وفاعلا ونحو ذلك مما يتوجه له القدح فيه وكما قرر ما ذكره بزيادات وتكميلات لم يذكروها هم إذا توجه له تقرير ذلك فإنه بحسب ما يتوجه له من البحث والنظر .. )) انتهى المطلوب
وقال ابن تيمية في الدرء 8/ 273: ((وهؤلاء لما كانت مناظرتهم مع المتكلمين الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم على أصلهم في الاستدلال على حدوث الأجسام أو حدوث العالم بامتناع حوادث لا أول لها ورأى هؤلاء أن هذه قضية كاذبة ولهذا كان أئمة أهل الكلام كالرازي وغيره يوافقونهم على فسادها فإن الرازي وإن قرر في كتبه الكلامية كالأربعين و نهاية العقول وغيرهما امتناع حوادث لا أول لها كما تقدم تقريره واعتراض إخوانه عليه فهو نفسه في كتب أخرى يقدح في هذه الأدلة ويقرر وجوب دوام الفاعلية وامتناع حدوث الحوادث بلا سبب وامتناع حدوثها في غير زمان ويجيب عن كل ما يحتج به في هذه الكتب كما فعل ذلك في كتاب المباحث المشرقية وغيره ولعل الذين قدحوا في أدلته هذه كالآمدي والأبهري والأرموي صاحب لباب الأربعين وغيرهم أخذوا ذلك أو بعضه من كلامه أو أخذوه هم من حيث أخذه هو وهذا قد رأيته فإني كنت قد أرى اعتراض هؤلاء عليه أو بعض أجوبته ثم انظر بعد ذلك في كلام آخر له فأجدهم قد أخذوا ذلك الاعتراض أو الجواب أخذوه من كلامه كما في الجواب الباهر الذي ذكره الأرموي فإنه أخذه من المطالب العالية والاعتراضات التي ذكرها هو وغيره على تقريره لامتناع حوادث لا أول لها قد ذكرها الرازي في المباحث المشرقية وذكرها الآمدي أيضا ولهذا أرأيت من يغتر بكلام هؤلاء من طلبة العلم حقيقة أمرهم وأن هذا التقرير الذي وافقوا فيه شيوخهم المتكلمين من المعتزلة والأشعرية هم بعينهم قد قدحوا فيه في موضع آخر قدحا لم يجيبوا عنه فلا يظن الظان أن ما ذكروه مما ينصر دين الإسلام بل هذا مما يقوي معرفة المسلمين بذم الكلام الذي ذمه السلف والأئمة وأنه جهل لا علم))
وحيرة الرازي التي في المطالب العالية إنما هي في حدوث العالم الجسماني لكنه مال في بعض قوله لمقالة شنيعة وهي مقالة من قال بالقدماء الخمسة وهو لم يوافقهم تماماً وبينه وبين مذهبهم فرق تكلم عليه وبينه ابن تيميه في المجموع 6/ 304 - 309 وبين تأثره به أيضاً في شرح الأصبهانية 1/ 238 - 245 ونقل من محصله كلاماً مهماً ولولا ضيق الوقت لنقلت كلامه فليراجع وينقله من أحب وله جزيل الشكر، وقد صرح بهذه المقالة السراج الأرموي في مختصره لأربعين الرازي وغيره أنظر نص كلام الأرموي في الدرء 1/ 334 وبعدها وينظر للصفدية ص390 - 391 ط أضواء السلف.
وينظر كذلك في المطالب العالية 5/ 44 وبعدها و 4/ 51 و4/ 260 - 261 و7/ 17 وينظر عند الزركان "فخر الدين الرازي" (في معنى الزمان عند الرازي) ص465 - 457 وغيره.
ولعل للحديث بقية.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[06 - 03 - 08, 03:01 م]ـ
الحمد لله وحده ...
جزاك الله خيرا، وبارك فيك، يا شيخ فيصل.
ـ[فيصل]ــــــــ[06 - 03 - 08, 05:56 م]ـ
ولكم بالمثل شيخنا الفاضل، ولقد نسيت نصاً مهماً عن المباحث المشرقية يبين أكثر موقفه من مسألة قدم العالم قال الرازي في المباحث2/ 535:
((والحق عندي أنه لا مانع من استناد كل الممكنات إلى الله، لكنها على قسمين:
(1) منها ما امكانه اللازم لماهيته كاف في صدوره عن الباري، فلا جرم أن يكون وجوده فائضاً عن الباري من غير شرط.
(2) ومنها ما لا يكفي في فيضانها عن الباري تعالى إمكانها بل لا بد من حدوث أمور قبل حدوثها لتكون الأمور السالفة مقدمة للعلل الفياضة إلى الأمور اللاحقة وذلك إنما ينتظم بحركة سرمدية دورية ثم إن تلك الممكنات متى استعدت للوجود استعداداً تاماً صدرت عن الباري تعالى ووجدت عنه ولا تأثير للوسائط أصلاً في الإيجاد بل في الإعداد))
وقد نقل هذا النص الباحث الزركان في كتابه وذكر اضطراب بعض الأشاعرة المتأخرين من هذا النص وناقشهم فلينظر في كتابه ص349 وبعدها.
ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[08 - 03 - 08, 03:47 ص]ـ
¥