تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(التعليقات السَّنِيَّة على العقيدة الواسطية) للعلامة فيصل المبارك "منقول".

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[27 - 01 - 08, 11:32 م]ـ

عودة إلى كتاب «العقيدة الواسطية» لابن تيمية

في ظل تزايد ظاهرة المتلاعبين بالنصوص لتحقيق مكاسب سياسية أو شخصية

http://www.asharqalawsat.com/2006/06/14/images/art.368146.jpg

د. إبراهيم بن عبدالله السماري

نحن بحاجة إلى جهود علمية موثقة تناقش وتحاور الفكر بأسلوب علمي حضاري يستمد أصوله من ثوابت العقيدة الصحيحة ومنهج العلماء المحققين، ويصاغ قالبها في إطار عصري لئلا يستأثر المفسدون بالميدان في ظل غفلة المصلحين أو تكاسلهم، وهو ما يشجع عليه مثل هذا الكتاب.

تظل العقيدة حارسةً للفكر في مختلف العصور، ومن هنا اهتم بتأسيسها على الحق والصواب الأنبياءُ والمصلحون، كما أصبحت مرمى سهام من يريد التأثير في الناس وجلب عقولهم وقلوبهم إليه بالباطل، ذلك أن علم العقيدة يحتاج إلى تقرير ذوي العلم والبصيرة، ولا يستطيع غالب الناس الاستقلال بفهمه استغناءً عن الشرح والتوضيح والتقرير الصحيح، فوجد أولئك مداخل كثيرة إلى فكر عوام الناس ورعاعهم، بل وضعيفي العلم منهم. وفي العصر الحاضر وبعد تطور التقنيات، ولاسيما في مجال سرعة نقل المعلومة والدقة في تزويرها، ظهر المتلاعبون بالنصوص والملبسون على العامة بتحليلها وفق الأهواء مستغلين نتفاً من الحقيقة، لكن بوضعها في غير موضعها الصحيح والعادل. وفي هذا السياق ظهرت أفكار خطيرة تخدم توجهات فكرية معينة تهدف إلى تحقيق مكاسب شخصية أو سياسية.

ولم يكن من حل إلا الرجوع للنبع الصافي في تراث أئمة العلم، وهنا لا بد أن يستوقفنا الشيخ ابن تيمية (ت728هـ) بجهوده الجبارة لتقرير العقيدة الصحيحة ومحاورة ومجابهة المبتدعة والضُّلاَّل. وسنجد مربط الفرس الأصيل في كتابه النفيس (العقيدة الواسطية) حيث سارت به ركبان العلماء في الآفاق ثناء وشرحاً وتعليقاً واحتفاءً، ومنهم الإمام الذهبي (ت 748هـ) والإمام ابن رجب (ت 795هـ) والشيخ محمد خليل هراس (ت 1395هـ) والشيخ ابن باز (ت 1420هـ) والشيخ ابن عثيمين (ت1421هـ) وغيرهم.

ويجيء العلامة فيصل المبارك (ت 1376هـ) في رأس من شرح (العقيدة الواسطية) بكتابه الثمين (التعليقات السَّنِيَّة على العقيدة الواسطية) يضاف إلى ذلك: تنبيهات الشيخ ابن سعدي (ت1376هـ) وتعليقات الشيخ محمد بن مانع (ت1385هـ) وثمار الشيخ هراس (ت1395هـ) وأجوبة الشيخ عبدالرحمن الجطيلي (ت1404هـ) وروضة الشيخ زيد بن فياض (ت1406هـ) وغيرها كثير.

كتاب (التعليقات السَّنِيَّة على العقيدة الواسطية) للشيخ فيصل بن عبد العزيز المبارك، الذي صدرت طبعته الأولى عام 1427هـ عن دار الصميعي بالرياض بتحقيق الشيخ عبد الإله ابن عثمان الشايع، الذي ترجم للمؤلف ترجمة ضافية متناولاً نسبه وجهوده في نشر العقيدة الصحيحة وجهوده في التأليف حيث ذكر ثلاثين مؤلفاً، أشار إلى البيانات المكتبية للمطبوع وإلى أماكن المخطوط منها. كما أبرز أهمية الكتاب ووصف النسخة الخطية الوحيدة له وعرض صور بعض صفحاتها.

وبرزت في التحقيق بشكل لافت جهود المحقق في تخريج الأحاديث الشريفة تخريجاً استوفى شروطه العلمية، وفي عزو الأقوال والنقول إلى أصحابها والكتب المنقول منها، وشرح بعض الكلمات الغامضة أو تلك التي قد تستشكل على القارئ كما في الهامش الثاني ص67، وإكمال النصوص الناقصة من مصادرها الأصيلة كما في الهامش الثاني ص84 والهامش الثالث ص87، وتصحيح ما يلزم تصحيحه مع إشارته في الهامش إلى النص الأصلي وموجب التصحيح كما في الهامش الثاني ص 122، والحرص على إدراج بعض الفوائد المختصرة من كتب العلماء إذا كان سياق النص يستلزمها كما في ص 125، ولفت النظر إلى سبق قلم الشارح حيث نسب كلاماً للعز بن عبد السلام وهو لابن تيمية ـ الهامش الثاني ص 126.

وبالجملة فإن كتاب «التعليقات السَّنِيَّة على العقيدة الواسطية» يعدُّ عملاً علمياً مفيداً، ولا سيما في هذا العصر بصراعاته الفكرية المتضاربة والمتجنية أحياناً، التي تصل إلى حد تصنيف الخصوم بل تفسيقهم وتكفيرهم لمجرد الخصومة أو لخطل الفهم بدون سند شرعي صحيح، ما يؤكد الضرورة إلى كل عمل علمي موثق في تقرير العقيدة من خلال طرحٍ فكري مؤسس على الثوابت وعلى منهجية شرعية صحيحة تستمد مادتها من فهم ومنهج السلف الصالح، ولا سيما في القضايا العقدية العصرية المائجة بالرؤى المتناقضة كحكم مرتكب الكبيرة والعصاة والموقف من كرامات الأولياء وغير ذلك، وهو ما تناوله الكتاب برؤية شرعية صحيحة مؤسسة على العدل والوسطية الحقيقية.

وبدون ريب فإن ضرورات العصر تجعل التطلعات تشرئب نحو جهود علمية متميزة في هذا الميدان، وبشكل أدق نحن بحاجة إلى جهود علمية موثقة تناقش وتحاور الفكر بأسلوب علمي حضاري يستمد أصوله من ثوابت العقيدة الصحيحة ومنهج العلماء المحققين، ويصاغ قالبها في إطار عصري يستطيع منافسة الجواذب والإغراءات الفكرية المتعددة والمتنوعة في الأرض والفضاء، لئلا يستأثر المفسدون بالميدان في ظل غفلة المصلحين أو تكاسلهم. وهو ما يشجع عليه مثل هذا الكتاب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير