ويكفي في رد هذه الشبهة القذرة أن حديث: "إنما الأعمال بالنيات" الذي يعتبر ثلث الدين حديث آحاد، مشهور، عزيز، إذ لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن عمر ولا عن راويه عن عمر إلا واحد، فلماذا يقبله أهل الأهواء المتزيين بالإسلام، وينكرون حدَّ الردة، ورجمَ الزاني المحصن، وكلها أحاديث آحاد؟ لولا مرض القلوب.
& atilde;
حكم من أباح الردة وأنكر حدها
من أباح الردة وأنكر حدها فهو كافر مُهدَر الدم ما لم يتب عن ذلك ويراجع الإسلام، لأن ذلك إنكار لما هو معلوم من الدين ضرورة، وطعن وتشكيك في الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، والحكام الغيورين الذين حكموا بردة المرتدين، وأقاموا عليهم حدها.
يتشبث المبيحون للردة الداعون لإنكار حدها ببعض الزلات والهفوات، نحو ما نسب للشيخ شلتوت رحمه الله أنه قال: (يتغير وجه النظر في المسألة إذا لوحظ أن كثيراً من العلماء يرى أن الحدود لا تثبت بأحاديث الآحاد، وأن الكفر نفسه ليس مبيحاً للدم، وإنما المبيح للدم هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم، ومحاولة فتنتهم عن دينهم، وأن ظواهر القرآن في صمته عن عقوبة المرتد تؤيد هذا)، مما يدل على خطورة الزلات والهفوات وتلقف أهل الأهواء لها.
يردُّ هذا الزعم الباطل قتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لتلك الطائفة المخذولة من الرافضة وحرقه لهم، الذين لم يحاربوا علياً ولم يخرجوا عليه، بل ألّهوه، فالمرتد مفارق لجماعة المسلمين ومحارب لهم ولعقيدتهم.
وإذا لم يكن الكفر بعد الإيمان مبيحاً للدم فما الذي يبيح الدم ياترى؟! إذا كان الراجع عن الماسونية والشيوعية ونحوهما، وهي فرق كافرة، يُقتل أويُضيَّق عليه، وقد يكون رجوعه إلى الحق، إلى الإسلام، وكذلك التارك لجماعة من الجماعات الإسلامية يُهجر، ويُضيَّق عليه، ويوصف بالخيانة والخروج والعمالة، وقد يكون محقاً في خروجه وتمرده على التسلط والجبروت والمخالفات الشرعية، فكيف بالراجع عن الإسلام، وهو الدين الخاتم لجميع الأديان؟ فمالِ هؤلاء القوم لا يستحون؟!
السنة حجة بنفسها، فقد حرمت السنة الجمع بين المرأة وعمتها أوخالتها، ونهت عن الوصية للوارث، ومنعت كذلك أن يرث المسلمُ الكافرَ والكافرُ المسلمَ.
وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم لها شقان؛ البلاغ والبيان، فهو المبيِّن لمراد الله عز وجل، ولهذا يقول بعض العلماء: "القرآن أحوج إلى السنة"، لأن السنة مبينة لكثير مما أجمل في كتاب الله عز وجل.
وهب أن مسألة قتل المرتد ليس فيها نص، فهل نترك فعل أبي بكر، وعمر، وعلي، ومعاذ، وأبي موسى رضي الله عنهم، وقول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم من الأئمة رحمهم الله لهذه الزلات والهفوات، ولما تهواه نفوس المنافقين وأعداء الملة والدين؟!
وأخيراً أرجو من دعاة إباحة الردة وإنكار حدها والداعين لتوحيد الأديان أن يراجعوا إسلامهم قبل أن تبلغ الروح الحلقوم، ويُحال بينهم وبين ما يشتهون، وإلا فليعلموا أنهم لن يضرُّوا الله شيئاً، ومن إخواني المسلمين أن ينتبهوا لخطورة المنافقين من الشيوعيين، والجمهوريين، والقوميين، والمتزيين بالدين، وغيرهم، (فإن بلية الإسلام بالمنافين شديدة جداً، لأنهم منتسبون إليه، وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علم وصلاح، وهو غاية الجهل والفساد.
فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه؟ وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه، وكم من عَلَم له قد طمسوه؟ وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه؟ وكم ضربوا بمعاول الشبه85 في أصول غراسه ليقلعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، يزعمون أنهم بذلك مصلحون، ألا إنهم المفسدون ولكن لا يشعرون).86
لذلك حذر القرآن من المنافقين وبين صفاتهم: (فكان الحديث عن النفاق والمنافقين في القرآن في سبع عشرة سورة مدنية من ثلاثين سورة، واستغرق ذلك قرابة ثلاثمائة وأربعين آية، حتى قال ابن القيم رحمه الله: "كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم").87
¥