تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ إِسْحَقَ وَهُوَ ابْنُ سُوَيْدٍ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ حَدَّثَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي رَهْطٍ مِنَّا وَفِينَا بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ فَحَدَّثَنَا عِمْرَانُ يَوْمَئِذٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ قَالَ أَوْ قَالَ الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ

فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ إِنَّا لَنَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَوْ الْحِكْمَةِ أَنَّ مِنْهُ سَكِينَةً وَوَقَارًا لِلَّهِ وَمِنْهُ ضَعْفٌ

قَالَ فَغَضِبَ عِمْرَانُ حَتَّى احْمَرَّتَا عَيْنَاهُ وَقَالَ أَلَا أَرَانِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُعَارِضُ فِيهِ

قَالَ فَأَعَادَ عِمْرَانُ الْحَدِيثَ

قَالَ فَأَعَادَ بُشَيْرٌ فَغَضِبَ عِمْرَانُ

قَالَ فَمَا زِلْنَا نَقُولُ فِيهِ إِنَّهُ مِنَّا يَا أَبَا نُجَيْدٍ إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ.

فكيف لو رأى مثل هذا الكاتب؟!

(1) قولك: (قد يضطر) هذا توهم، والأوهام لا تبنى عليها الأحكام، ولو فتحنا المجال لهذه التوهمات لأبطلنا كثيرا من أحكام الشريعة التي قد يحدث بسببها العصيان الجماعي.

فلو أن بعض المنتسبين إلى الإسلام يتضايقون من الصيام، وقلنا إنهم (قد يأكلون) في السر، فهل نراعي حالتهم هذه وننظر فيها بحجَّة أنه (قد .. ، وقد .. )

والزائغون من أعداء الدين موجودن بيننا وهم يكرهون الدين ويكيدون له، لكنهم لا يستطيعون المجاهرة بكفرهم، مثل بعض الكتاب في الصحف أو غيرها من المنابر التي تفتح الأبواب لأعداء الدين وتقفلها في وجه أهل الصلاح.

(2) لو وقعت مثل هذه الحوادث فلها حكمها والنظر الخاص إليها، من ولي الأمر المسلم الذي تعرض عليه، أمَّا أن نتخذ أمثال هذه الحوادث الشاذة الخارجة عن الأصل أساسا، ثم نطعن في الأحكام لأجلها، أو نجعلها إشكالات نشك في الأحكام وصلاحيتها من أجلها، فهذا فهم منكوس للشَّريعة، وما أُتي الدين إلا من أصحاب هذا الفهم المنكوس من العقلانيين وأشباههم.

ومن دخل في الإسلام دون فهم لمبادئه، ولا فهم لأصوله، فأي إسلام هذا الذي اعتنقه؟

ولماذا نجعل هذا الشاذ أصلا

(3) الحدود الشرعية من أساس ديننا الذي أنزله الله في كتابه وأخبر به النبي صلى الله عليه وسلَّم، ولو استخدمنا هذه الطريقة مع كثير من الأحكام الشرعية المفروضة علينا، فإنا سنلغي تلك الأحكام مراعاة لأمثال هؤلاء، والدين عزيز وسيبقى عزيزا، فمن أراد أن يدخله فالباب مفتوح أمامه، ومن أراد أن يبقى على كفره، فهذا لم يرد الله هدايته، ولو فتحنا المجال لكل من يتضايق من شيء من أحكام الدين فسنبقى بدين لا أحكام فيه.

أرأيت لو أن كافرا أراد الإسلام، لكنه يتضايق من حدِّ الزِّنا، هل سنلغي ذلك الحد أو نسكت عنه حتى لا ينفر من الدين؟!

وقس غيره من الأحكام التي لا ترضي هؤلاء الذين يريدون الدخول في الإسلام.

===

وكثير من الذين يخوضون في هذه الأمور، ويحومون حولها، سواء من الشيوخ المفتونين، أو من المتعالمين، إنما يقودهم إليه، ما يسمى بفقه المصالح _ زعموا _، الذي يهدمون الدين من خلاله، فيبحثون عن كل شبهة يستطيعون من خلالها التحايل على الأحكام الشَّرعيَّة بحجَّة المصالح، ونهاية أمر هؤلاء تجريد الدين من روحه وشعائره، والإبقاء على دين يساير العصر، ولا يتضايق منه أحد، بحجَّة أن الإسلام دين السَّماحة والمودة والعطف، ثم يتفاجأ الداخل في الإسلام من تحت مضلة هؤلاء الملبسين، أن الإسلام فيه تكاليف وأحكام وحدود تخالف ما تهواه نفسه، ولو أنهم دعوا الناس إلى دين الله الصحيح، وتركوا التمييع والخداع لمن يدعونه إلى الإسلام، لانتهت هذه المشكلة التي أتيت تبحث لها عن حلول.

ومن كان عنده غيرة على الدين، فلن يرضى عن هؤلاء، ولا عن منهجهم، فكل مدة تجد منهم أو من أذنابهم الذين يُسَيِّرونهم في وسائل الإعلام باسم الإسلام، الطعن في ثوابت المسلمين التي يعرفونها، فمرة يطعنون في حد الردة، ومرة في حد الرجم، ومرة في قتال المسلمين تحت راية الصليبيين بحجة الوطنية، ومرة في التعايش مع الكافرين وعدم وصفهم بالكفر لأنهم يؤمنون بالله، وكل مدَّة يخرجون على الإسلام بمعول هدم جديد، يرضون به من يريدون أن يحصلوا منه على وصف الاعتدال، ووصف الإسلام الحضاري، حتى قادهم منهجهم المرذول وتخبطهم إلى تهنئة النَّصارى بأعيادهم، نعوذ بالله من الخذلان.

وما خرجت كلمات هذا الكاتب للموضوع الذي يصف المطالب بأقوال العلماء السابقين، إلا من هذه المدرسة التمييعية المرذولة، التي لا يرضى عن تصرفاتها إلا من قل الولاء للدين وأحكامه في قلبه.

أسأل الله أن يكبتهم وأن يكفي المسلمين شرَّهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير