والعقل من دون هداية الله، من دون وحي السماء، من دون خطاب الله للبشر، العقل يَضل ويُضل، وينحرف ويُحرف، فالبصير من البصر، والبصر هي العين، والبصر حاسة الرؤية، والبصر النور الذي تُدرك به المبصَرات، هذه المعاني وردت في معاجم اللغة.
والبصر نفاذ الحقيقة في القلب، والبصيرة قوة القلب المدركة للحقائق، نقول فلان ذو بصيرة أي في قلبه قدرة على كشف الحقائق، والمبصر هو العالم والحاذق، والتبصر هو التأمل والتعرف والثبات في الدين.
قبل أن نمضي في التعرّف على هذا الاسم العظيم ينبغي أن نضع بين أيديكم هذه الحقيقة، هذه الحقيقة، هي أن مشكلة الناس جميعاً هي في انحراف الرؤية وفي خطأ الرؤية، لأن الإنسان في الأصل مفطور على حب ذاته وحب وجوده، يحب ذاته، يحب سلامة وجوده، يحب كمال وجوده يحب استمرار وجوده، فكيف يسلك طريقاً فيه هلاكه، فكيف يقترف المعاصي والآثام، فكيف يهلك نفسه بمعصية ربه؟ لأنه رأى خطأً أن المعصية مغنماً لا مغرماً، لأنه رأى خطأً أن كسب هذا المال ربح له الإنسان يحب ذاته فحرصه على سلامة وجوده، وحرصه على كمال وجوده، وحرصه على استمرار وجوده، يقتضي أن يحفظ طاعة الله عز وجل.
هؤلاء الذين يقترفون المعاصي والآثام، هؤلاء الذين يرتادون الأماكن المحرمة لماذا ارتادوها لماذا أقبلوا على المعصية؟ لأنهم توهموا أنها تسعدهم، ولو عرفوا أن طاعة الله عز وجل هي وحدها التي تسعدهم وأن الإقبال عليه هو الذي يطمئنهم لما سلكوا هذا الطريق.
فما الفرق بين مؤمن مستقيم على أمر الله، وبين عاص متفلت من أمر الله؟ .. هناك فرق بينهما، الرؤية.
سيدنا يوسف حينما دعته امرأة ذات من منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين، ما الذي جعله يحجم عن اقتراف هذه المعصية رؤيته لما تنطوي عليه من هلاك ومن بعد عن الله عز وجل، هذا الذي إذا دعته امرأة ذات منصب جمال أقبل على هذه المعصية ما الفرق بينه وبين هذا الطائع؟ .. الرؤية فقط .. إن صحت رؤيتك صح عملك وإن صح عملك سعدت في الدنيا والآخرة، وإن انحرفت رؤيتك فسد عملك وإن فسد عملك هلكت في الدنيا والآخرة، أكاد أقول إن الفرق الوحيد بين الشقي والسعيد، بين المستقيم والمنحرف، صحة الرؤية أو خطأ الرؤية.
لذلك ماذا كان يدعو النبي؟ كان يدعو ويقول " اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ".
لذلك أحدنا حينما يرى أن المعصية مهلكة له، وأن الطاعة مغنماً له هذه نعمة والله الذي لا إله إلا هو لا تُقّدَّر بثمن، لا تُقدر بثمن أن ترى الحق حقاً، لأن هناك من يرى الباطل حقاً، وأن هناك من يرى الحق باطلاً، أما أن ترى الحق حقاً، أما أن ترى الباطل باطلاً.
شيء آخر إن رأيت الحق حقاً، وإن رأيت الباطل باطلاً، الآن أنت بحاجة إلى إرادة قوية تحملك على اتباع الحق وترك الباطل، رؤية وإرادة، أرنا الحق حقاً، والباطل باطلاً.
والله آلاف مؤلفة، والله ملايين مملينة ترى الحق باطلاً، وترى الباطل حقاً، فإذا جاءت رؤيتك مطابقة لمنهج الله، إن رأيت الحق حقاً إن رأيت الباطل باطلاً، هذه نعمة لا تُقدر بثمن.
أيها الإخوة من عادتي أنني إذا رأيت شاباً مؤمناً مستقيماً، أقول له دائماً أعظم نعمة أنت فيها هي نعمة الهدى، نعمة أن رؤيتك صحيحة نعمة أن في قلبك نوراً يريك الحق حقاً والباطل باطلاً، الإنسان إذا اتصل بالله ولاذ بالله، وانطلق لتنفيذ أمر الله، الله يلقي في قلبه النور.
ففي اللغة إذاً؛ البصر هي العين، والبصر حاسة الرؤية، والبصر نور يقذفه الله في القلب، والبصر هو النور الذي يتوسط بيننا وبين المبصَرات، والبصر قوة القلب في كشف الحقيقة، والبصير والمبصر والبصير هو العالم الحاذق، والتبصر هو التأمل والتعرف والثبات على الدين، هذا ما جاء في قواميس اللغة حول كلمة البصير.
أما البصير بمعنى المبصر فهو فعيل بمعنى مفعول، كأن تقول جريح بمعنى مجروح، وقتيل بمعنى مقتول، البصير؛ بمعنى المبصر، في اللغة يأتي هذا المعنى.
الآن اسم البصير من أسماء الله الحُسنى، وهو المبصر لجميع المبصَرات كل ما في الكون إذا أمكن أن يبصر فالله سبحانه وتعالى يبصره، كل المبصَرات ربنا عز وجل بصير بها.
¥