تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: وفي الآية دليل على أن الرجل إذا فعل الكفر ولم يعلم أنه كفر لا يُعذر بذلك بل يَكفر، وعلى أن السابَّ كافر بطريقِ الأَوْلى.

وقوله: أرغب بطونا، أي: أوسع، يريد كثرة الأكل، فكثرة الأكل وإن كانت مذمومة لكن هذا ذكروه في معرِض الاستهزاء.

وقد كذب هذا الرجل، فإن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- أحسن الناس اقتصادا في الأكل وغيره، بل المنافقون والكفار -من أضراب هذا- أوسع بطونا وأكثر أكلا -كما صحت بذلك الأحاديث- وهم -أيضا- أشد الناس جبنا، وأكذب خَلْقِ اللَّه حديثا -كما وصفهم اللَّه بذلك في كتابه- ولهذا قال له عوف: كذبت، ولكنك منافق.

وفي قوله تعالى: {أَبِاللَّهِ وَ ءَايَاتِهِ و َرَسُولِهِ ... } الآية، اعتبار المقاصد؛ لأنهم لم يذكروا اللَّه ولا رسوله ولا كتابه بشيء، وإنما فُهم هذا من مقصدهم الخبيث، فإن قيل: كيف لم يقتلهم؟ قيل: مخافةَ أن يتحدث الناس أن محمدا يقتلُ أصحابَه، كما علّل بذلك صلى الله عليه و سلم.

ويُلحق بذلك: الاستهزاءُ بالأفعال والإشارات، مثل مد الشفة، أو الشفتين، وإخراج اللسان، والرمز بالعين بإغضائها، وغير ذلك من كل ما عده الناس احتقارا واستهزاء.

من هذا يتبين أن بعض الاعتذارات لا ينبغي أن تقبل؛ لأن هذه الأشياء لا تأتي إلا ممن انشرح صدره لها، ولو كان الإيمان قد وقر في قلبه لمنعه من التفوه بذلك لدى الناس، ولكفه عما يضادّه ويخالفه، فإيمانُ القلب يستلزم العملَ الظاهر بمقتضاه؛ ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى: {وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} ()، فنفى سبحانه وتعالى الإيمان عمن يتولى عن طاعة الرسول ... إلى آخر كلامه - رحمه اللَّه -.

وفي هذا دليل على أن الإنسان قد يكفر - بكلمة يتكلم بها، أو عمل يسيرٍ يعمله- وهو لا يشعر، كما قال تعالى في آية آخرى: { ... أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} ()، وفي الحديث: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط اللَّه لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفا» (). أو كما قال صلى الله عليه وسلم. ومن أشد ذلك خطرا إرادات القلوب، فهي كالبحر الذي لا ساحل له.

وفي هذا دليل على الخوف من النفاق الأكبر، فإن اللَّه تعالى أثبت لهؤلاء إيمانا قبل أن يقولوا ما قالوه، كما قال ابن أبي مُلَيْكَة: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. نسأل اللَّه العفو والعافية.

فعلى الإنسانِ الحذر من هذه الأقوال والأفعال القبيحة، ولْيكفَّ نفسَه ولسانَه عن الانطلاق في هذا الميدان، فقد ورد في الحديث: «وهل يَكُبُّ الناسَ على مناخرهم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم» (). اللَّهم عفوا وغَفْرا، ربنا لا تُحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا، واغفر لنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. وصلى اللَّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ـ[محمد حماصه]ــــــــ[11 - 02 - 08, 07:34 ص]ـ

السؤال الثالث من الفتوى رقم (4876)

س3: ما حكم الصلاة خلف من يتكلم بكلام فاحش باستمرار؟

ج 3: تصح الصلاة خلفه إذا كان الكلام الذى يصدر منه لايبلغ حد الكفر، أما إن بلغ حد الكفر، كسبِّ الله ورسوله والاستهزاء بالدين ونحو ذلك، فإنه لا يصلى خلفه، ولا تصح الصلاة خلفه لكفره.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو، الرئيس

عبدالله بن غديان، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

ـ[محمد حماصه]ــــــــ[11 - 02 - 08, 07:36 ص]ـ

سئل العلامة بن باز رحمه الله

السؤال السابع:

ظهر في كثير من المجتمعات الإسلامية الاستهزاء بشعائر الدين الظاهرة كإعفاء اللحى وتقصير الثياب ونحوهما - فهل مثل هذا الاستهزاء بالدين الذي يخرج من الملة؟ وبماذا تنصحون من وقع في مثل هذا الأمر وفقكم الله؟

الجواب لا ريب أن الاستهزاء بالله ورسوله وبآياته وبشرعه وأحكامه من جملة أنواع الكفر لقول الله عز وجل: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ الآية من سورة التوبة.

ويدخل في ذلك الاستهزاء بالتوحيد أو بالصلاة أو بالزكاة أو الصيام أو الحج أو غير ذلك من أحكام الدين المتفق عليها.

أما الاستهزاء بمن يعفي لحيته، أو يقصر ثيابه ويحذر الإسبال، أو نحو ذلك من الأمور التي قد تخفى أحكامها، فهذا فيه تفصيل، والواجب الحذر من ذلك، ونصيحة من يعرف منه شيء من ذلك حتى يتوب إلى الله سبحانه ويلتزم بشرعه، ويحذر الاستهزاء بمن تمسك بالشرع في ذلك، طاعة لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وحذرا من غضب الله وعقابه، والردة عن دينه وهو لا يشعر، نسأل الله لنا وللمسلمين جميعا العافية من كل سوء إنه خير مسئول.

والله ولي التوفيق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير