بعض كتب التجويد مثل الطرازات المعلمة والمنح الفكرية وغيرهما")) ا. هـ
وهكذا تري أخي القارئ كيف وصف ما قاله القراء بالغلط المحض دون فهم لقصدهم. ونقول مستعينين بالله:
قبل الرد علي ما قاله، ننظر ماذا قال من استدل بهم من القراء وهم: ابن شريح وابن الجزري والمرعشي.
: وقال شريح (539): ذهب قوم من أهل الأداء إلي أنه لا تكرير فيها مع تشديدها، وذلك لم يؤخذ علينا، غير أنا لا نقول بالإسراف فيه، وأما ذهاب التكرار جملة فلم نعلم أحدا من المحققين بالعربية ذكر أن تكريرها يسقط بحال "ص24
قال في النشر ج1ص230: وقال المحققون: هو بين الشدة والرخاوة وظاهر كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية في الراء وإلى ذلك ذهب المحققون فتكريرها ربوها في اللفظ وإعادتها بعد قطعها ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصاً إذا شددت ويعدون ذلك عيباً في القراءة. وبذلك قرأنا على جميع من قرأنا عليه وبه نأخذ.)) ا. هـ
وقال في متن الجزرية: وأخف تكريرا إذا ما تشدد"
قال في نهاية القول المفيد "وقال أيضا ـ أي المرعشي " ... ويخفي تكريرها فإخفاء التكرير كأنه زيادة في التشديد لأن إخفاءالتكرير يحتاج إلي شدة لصق اللسان علي أعلي الحنك كما نقل عن الجعبري "ا. هـ ص124
فابن شريح تأول النص القائل بإخفاء التكرير بأنهم قصدوا المبالغة لعدم وجود من قال بإخفاء التكرار عند أهل اللغة.
وابن الجزري قال "وأخف تكريرا " فهو يقصد المبالغة لأنه نهي عن الحصرمة.
ويكفيه لو تمعن قول ابن الجزري: وأخف تكريرا إذا ما تشدد.وقال أيضا" فتكريرها ربوها في اللفظ وإعادتها بعد قطعها ويتحفظون من إظهار تكريرها خصوصاً إذا شددت ويعدون ذلك عيباً في القراءة. وبذلك قرأنا على جميع من قرأنا عليه وبه نأخذ.)) ا. هـ
هل يفهم منه الإخفاء الكامل؟ أم يقصد عدم المبالغة؟ فقد نهي عن المبالغة وعدم الإتيان بها محصرمة وهكذا تلقاه ابن الجزري علي جميع شيوخه ومنهم تلميذ الجعبري
والمرعشي الذي جعله د/ جبل ممن قالوا بالتكرار استدل بقول الجعبري لأنه يعلم مقصد الجعبري ويفهم مراده، ولكن د/ جبل أصر علي تخطئة الجعبري وغيره .. فبما يجيب عما مضي ممن استدل بهم؟؟
هناك فرق في مسألة تكرار الراء بين تكرار الحرف وربوها في الفم، وبين تكرار الراء في مخرجه حتي يتولد منه راءات، وهذا ما حذر منه القراء،ولذا قال مكي: " ... ومتي أظهره فقد جعل من الحرف المشدد حروفا ومن المخفف حرفين "الرعاية 85
و قال المرادي (ت749) بعد نقله كلام مكي السابق: وقال شريح (539): ذهب قوم من أهل الأداء إلي أنه لا تكرير فيها مع تشديدها، وذلك لم يؤخذ علينا، غير أنا لا نقول بالإسراف فيه، وأما ذهاب التكرار جملة فلم نعلم أحدا من المحققين بالعربية ذكر أن تكريرها يسقط بحال "ص24
ثم نقل المرادي (ص77) قول الجعبري السابق ثم قال المرادي "قلت: وظاهر كلام الناظم (السخاوي): "صن تشديده عن أن يري متكررا" أن التكرير ليس بصفة ذاتية إلا أن يجهل كلامه علي أن المراد صون الراء عن الإفراط في التكرار.
قال مكي: وأكثر ما يظهر تكريره إذا كان مشددا نحو"كرّة" فواجب علي القارئ أن يخفي تكريره ولا يظهره فمتي أظهره فقد جعل من الحرف المشدد حروفا ومن المخفف حرفين .. ) فقد فهم المرادي قول مكي والجعبري والسخاوي أنهم يقصدون المبالغة، مع ما تقدم من نقله لقول شريح أن المقصود المبالغة).
ثم لو نظرنا في قول سيبويه وهو يصف الفرق بين تكرار الحرف وتكرار المخرج تعلم حقيقة الأمر
ولو نظرنا إلي ما قاله الجعبري أيضا في منظومته "عقود الجمان في تجويد القرآن":
والراء روِّ ولا تهرهر واخفين **تكريره بلزوم ظهر لسان
كيلا تزيد الذِّكر إن كرَّرته **رحماء فارغب مارج ريحان
واحذر من التكرير إن شدَّدته **كالراكعين يفرِّق الرحمن
فقوله " والراء روِّ" دليل علي حثه علي الإتيان بالراء أي الإتيان بربوها ثم قال "ولا تهرهر " وهو يدل علي النهي علي تكرار الراء وهرهر سوق الغنم لكثرة التنبيه علي الغنم بقولهم "أ1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - " ولذا نهيه كان المبالغة في التكرير.
بل والمرعشي الذي ذكره د/ جبل لو نظرت في قوله لوجدته يستدل بكلام الجعبري
وهاهو المرعشي يذكر قول الجعبري بل ويستدل به علي صحة الوصف بلصق اللسان .. والمرعشي جعله د/ جبل ممن قالوا بتكرار الراء دون مبالغة
وقد فصل حقيقة التكرار فضيلة الشيخ عطية قابل نصر في كتابه: غاية المريد فقال: والتكرير صفة ملازمة لحرف الراء بمعنى أنها قابلة لها فيجب التحرز عنها؛ لأن الغرض من معرفة هذه الصفة تركها، بمعنى: عدم المبالغة فيها، وأكثر ما يظهر التكرير إذا كانت الراء مشددة نحو: كرة، مرة، فالواجب على القارئ أن يخفي هذا التكرير ولا يظهره لقول الإمام ابن الجزري: وأخفِ تكريرًا إذا تشدد.
وليس معنى إخفاء التكرير إعدام ارتعاد رأس اللسان بالكلية؛ لأن ذلك يؤدي إلى حصر الصوت بين رأس اللسان واللَّثة كما في حرف الطاء وهذا خطأ لا يجوز، وإنما يرتعد رأس اللسان ارتعادة واحدة خفيفة حتى لا تنعدم الصفة.
وطريق الخلاص من هذا أن يلصق القارئ ظهر لسانه بأعلى حنكه بحيث لا يرتعد رأس اللسان كثيرًا.))
ومن هنا يتضح للقارئ تسرع فضيلته في إطلاق الأحكام دون فهم أو إدراك لطرق القراء قديما، ولذا وقع في المحظور. والله أعلم
والسلام عليكم